مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

باب

صفحة 150 - الجزء 1

باب

  البَاب يقال لمدخل الشيء، وأصل ذلك:

  مداخل الأمكنة، كباب المدينة والدار والبيت، وجمعه: أَبْوَاب. قال تعالى: {واسْتَبَقَا الْبابَ وقَدَّتْ قَمِيصَه مِنْ دُبُرٍ وأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ}⁣[يوسف: ٢٥]، وقال تعالى: {لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}⁣[يوسف: ٦٧]، ومنه يقال في العلم: باب كذا، وهذا العلم باب إلى علم كذا، أي: به يتوصل إليه.

  وقال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»⁣(⁣١).

  أي: به يتوصّل، قال الشاعر:

  ٧١ - أتيت المروءة من بابها⁣(⁣٢)

  وقال تعالى: {فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٤٤]، وقال ø: {بابٌ باطِنُه فِيه الرَّحْمَةُ}⁣[الحديد: ١٣] وقد يقال:

  أبواب الجنّة وأبواب جهنم للأشياء التي بها يتوصّل إليهما. قال تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ}⁣[النحل: ٢٩]، وقال تعالى: {حَتَّى إِذا جاؤُها وفُتِحَتْ أَبْوابُها وقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ}⁣[الزمر: ٧٣]، وربما قيل: هذا من بَابَة كذا، أي: ممّا يصلح له، وجمعه:

  بابات، وقال الخليل: بابة⁣(⁣٣) في الحدود، وبَوَّبْتُ بابا، أي: عملت، وأبواب مُبَوَّبَة، والبَوَّاب حافظ البيت، وتَبَوَّبْتُ بوابا: اتخذته، وأصل باب: بوب.


(١) الحديث رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة وغيرهم، وكلهم عن ابن عباس مرفوعا مع زيادة: «فمن أتى العلم فليأت الباب» ورواه الترمذي وأبو نعيم وغيرهما عن عليّ بلفظ أنّ النبي قال: «أنا دار الحكمة وعليّ بابها». وهذا حديث مضطرب غير ثابت كما قاله الدارقطني في العلل ٣/ ٢٤٧، وقال الترمذي: منكر، وقال البخاري: ليس له وجه صحيح، ونقل الخطيب البغدادي عن ابن معين أنه قال: كذب لا أصل له. وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ووافقه الذهبي وغيره، المستدرك ٣/ ١٢٦ وقال الحاكم فيه: صحيح الإسناد وتعقّبه الذهبي فقال: بل موضوع، لكن قال في الدرر نقلا عن أبي سعيد العلائي: الصواب أنه حسن باعتبار تعدّد طرقه، لا صحيح ولا ضعيف، فضلا أن يكون موضوعا، وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوى له. وقال في اللآلئ بعد كلام طويل: والحاصل أن الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به. راجع كشف الخفاء ١/ ٢٠٣، واللآلئ المصنوعة ١/ ٣٢٩، وعارضة الأحوذي ١٣/ ١٧١، والحلية ١/ ٦٤.

(٢) البيت تقدّم برقم ٥.

(٣) وعبارته في العين ٨/ ٤١٥: والبابة في الحدود والحساب.