مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

موت

صفحة 781 - الجزء 1

  رفقا، وقد مَهَّلْتُه: إذا قُلْتَ له مَهْلًا، وأَمْهَلْتُه:

  رَفَقْتُ به، قال: {فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً}⁣[الطارق: ١٧] والمُهْلُ: دُرْدِيُّ الزَّيْت، قال: {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ}⁣[الدخان: ٤٥].

موت

  أنواع الموت بحسب أنواع الحياة:

  فالأوّل: ما هو بإزاء القوَّة النامية الموجودة في الإنسان والحيوانات والنّبات. نحو قوله تعالى: {يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها}⁣[الروم: ١٩]، {وأَحْيَيْنا بِه بَلْدَةً مَيْتاً}⁣[ق: ١١].

  الثاني: زوال القوّة الحاسَّة. قال: {يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا}⁣[مريم: ٢٣]، {أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}⁣[مريم: ٦٦].

  الثالث: زوال القوَّة العاقلة، وهي الجهالة.

  نحو: {أَومَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه}⁣[الأنعام: ١٢٢]، وإيّاه قصد بقوله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى}⁣[النمل: ٨٠].

  الرابع: الحزن المكدِّر للحياة، وإيّاه قصد بقوله: {ويَأْتِيه الْمَوْتُ} مِنْ كُلِّ مَكانٍ وما هُوَ {بِمَيِّتٍ}⁣[إبراهيم: ١٧].

  الخامس: المنامُ، فقيل: النّوم مَوْتٌ خفيف، والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سمّاهما اللَّه تعالى توفِّيا. فقال: {وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ}⁣[الأنعام: ٦٠]، {الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها}⁣[الزمر: ٤٢]، وقوله: {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ}⁣[آل عمران: ١٦٩] فقد قيل: نفي الموت هو عن أرواحهم فإنه نبّه على تنعّمهم، وقيل: نفى عنهم الحزن المذكور في قوله: {ويَأْتِيه الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ}⁣[إبراهيم: ١٧]، وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ}⁣[آل عمران: ١٨٥] فعبارة عن زوال القوّة الحيوانيَّة وإبانة الرُّوح عن الجسد، وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}⁣[الزمر: ٣٠] فقد قيل: معناه: ستموت، تنبيها أن لا بدّ لأحد من الموت كما قيل:

  ٤٢٩ - والموت حتم في رقاب العباد⁣(⁣١)

  وقيل: بل الميّت هاهنا ليس بإشارة إلى إبانة الرُّوح عن الجسد، بل هو إشارة إلى ما يعتري


(١) هذا عجز بيت، وقبله:

شرّده الخوف وأزرى به ... كذاك من يكره حرّ الجلاد

منخرق الكفين يشكو الوجى ... تنكبه أطراف مرو حداد

قد كان في الموت له راحة ... والموت حتم في رقاب العباد

وهذه الأبيات كان زيد بن علي يتمثل بها، وهي في البيان والتبيين ٤/ ٥٨ - ٥٩، والشطر في عمدة الحفاظ (موت)، وهي لمحمد بن عبد اللَّه في زهر الآداب ١/ ٣٩.