سجر
  سُجَّداً لِلَّه}[النحل: ٤٨]، فهذا سجود تسخير، وهو الدّلالة الصامتة الناطقة المنبّهة على كونها مخلوقة، وأنّها خلق فاعل حكيم، وقوله: {ولِلَّه يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ والْمَلائِكَةُ وهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[النحل: ٤٩]، ينطوي على النّوعين من السّجود، التّسخير والاختيار، وقوله: {والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ}[الرحمن: ٦]، فذلك على سبيل التّسخير، وقوله: {اسْجُدُوا لِآدَمَ}[البقرة: ٣٤]، قيل: أمروا بأن يتّخذوه قبلة، وقيل: أمروا بالتّذلَّل له، والقيام بمصالحه، ومصالح أولاده، فائتمروا إلَّا إبليس، وقوله: {ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً}[النساء: ١٥٤]، أي: متذلَّلين منقادين، وخصّ السّجود في الشريعة بالرّكن المعروف من الصلاة، وما يجري مجرى ذلك من سجود القرآن، وسجود الشّكر، وقد يعبّر به عن الصلاة بقوله: {وأَدْبارَ السُّجُودِ}[ق: ٤٠]، أي: أدبار الصلاة، ويسمّون صلاة الضّحى: سبحة الضّحى، وسُجُود الضّحى، {وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}[طه: ١٣٠] قيل: أريد به الصلاة(١)، والمَسْجِدُ: موضع الصلاة اعتبارا بالسجود، وقوله: {وأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّه}[الجن: ١٨]، قيل:
  عني به الأرض، إذ قد جعلت الأرض كلَّها مسجدا وطهورا كما روي في الخبر(٢)، وقيل:
  الْمَسَاجِدَ: مواضع السّجود: الجبهة والأنف واليدان والرّكبتان والرّجلان، وقوله: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّه}[النمل: ٢٥](٣) أي: يا قوم اسجدوا، وقوله: {وخَرُّوا لَه سُجَّداً}[يوسف: ١٠٠]، أي: متذلَّلين، وقيل: كان السّجود على سبيل الخدمة في ذلك الوقت سائغا، وقول الشاعر:
  ٢٢٦ - وافى بها لدراهم الإِسْجَادِ(٤)
  عنى بها دراهم عليها صورة ملك سجدوا له.
سجر
  السَّجْرُ: تهييج النار، يقال: سَجَرْتُ التَّنُّورَ، ومنه: {والْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}[الطور: ٦]، قال الشاعر:
(١) أخرج عبد الرزاق وغيره عن ابن عباس في الآية قال: هي الصلاة المكتوبة.
(٢) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «نصرت بالرّعب، وأوتيت جوامع الكلم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتح خزائن الأرض فتلَّت في يدي» أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام ١٣/ ٢٠٩، وانظر: شرح السنة ١٣/ ١٩٨.
(٣) هي بتخفيف ألا، على أنها للاستفتاح، وبها قرأ الكسائي ورويس وأبو جعفر. الإتحاف ٣٣٦.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره:
من خمر ذي نطف أغنّ منطَّق
وهو للأسود بن يعفر، والبيت في المفضليات ص ٢١٨، والمجمل ٢/ ٤٨٦.