مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عذر

صفحة 555 - الجزء 1

  العَذَابِ. قال: {لأُعَذِّبَنَّه عَذاباً شَدِيداً}⁣[النمل: ٢١]، {وما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ وما كانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}⁣[الأنفال: ٣٣]، أي: ما كان يُعَذِّبُهُمْ عَذَابَ الاستئصالِ، وقوله: {وما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ الله}⁣[الأنفال: ٣٤]، لا يُعَذِّبُهُمْ بالسّيف، وقال: {وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ}⁣[الإسراء: ١٥]، {وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}⁣[الشعراء: ١٣٨]، {ولَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ}⁣[الصافات: ٩]، {ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}⁣[البقرة: ١٠]، {وأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الأَلِيمُ}⁣[الحجر: ٥٠]، واختلف في أصله، فقال بعضهم: هو من قولهم: عَذَبَ الرّجلُ: إذا ترك المأكل والنّوم⁣(⁣١)، فهو عَاذِبٌ وعَذُوبٌ، فَالتَّعْذِيبُ في الأصل هو حمل الإنسان أن يُعَذَّبَ، أي: يجوع ويسهر، وقيل: أصله من العَذْبِ، فَعَذَّبْتُه أي: أزلت عَذْبَ حياته على بناء مرّضته وقذّيته، وقيل: أصل التَّعْذِيبِ إكثارُ الضّرب بِعَذَبَةِ السّوطِ، أي: طرفها، وقد قال بعض أهل اللَّغة: التَّعْذِيبُ هو الضّربُ، وقيل:

  هو من قولهم: ماءٌ عَذَبٌ إذا كان فيه قذى وكدر، فيكون عَذَّبْتُه كقولك: كدّرت عيشه، وزلَّقت حياته، وعَذَبَةُ السّوطِ واللَّسانِ والشجرِ: أطرافُها.

عذر

  العُذْرُ: تحرّي الإنسان ما يمحو به ذنوبه.

  ويقال: عُذْرٌ وعُذُرٌ، وذلك على ثلاثة أضرب:

  إمّا أن يقول: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التّوبة، فكلّ توبة عُذْرٌ وليس كلُّ عُذْرٍ توبةً، واعْتذَرْتُ إليه: أتيت بِعُذْرٍ، وعَذَرْتُه:

  قَبِلْتُ عُذْرَه. قال تعالى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا}⁣[التوبة: ٩٤]، والمُعْذِرُ: من يرى أنّ له عُذْراً ولا عُذْرَ له. قال تعالى: {وجاءَ الْمُعَذِّرُونَ}⁣[التوبة: ٩٠]، وقرئ (المُعْذِرُونَ)⁣(⁣٢) أي: الذين يأتون بالعُذْرِ. قال ابن عباس: لعن اللَّه المُعَذِّرِينَ ورحم المُعَذِّرِينَ⁣(⁣٣)، وقوله: {قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ}⁣[الأعراف: ١٦٤]، فهو مصدر عَذَرْتُ، كأنه قيل: أطلب منه أن يَعْذُرَنِي، وأَعْذَرَ: أتى بما صار به مَعْذُوراً، وقيل: أَعْذَرَ من أنذر⁣(⁣٤): أتى بما صار به مَعْذُوراً، قال بعضهم: أصل العُذْرِ من العَذِرَةِ وهو الشيء النجس⁣(⁣٥)، ومنه سمّي القُلْفَةُ


(١) وهذا قول الأزهري، فإنه قال: القول في العذوب والعاذب أنه الذي لا يأكل ولا يشرب. انظر: اللسان (عذب).

(٢) وبها قرأ يعقوب الحضرمي. انظر: إرشاد المبتدي ص ٣٥٥.

(٣) انظر: الدر المنثور ٤/ ٢٦٠، والأضداد لابن الأنباري ص ٣٢١، واللسان (عذر). قال ابن الأنباري: كأنّ المعذر عنده الذي يأتي بمحض العذر، والمعذّر: المقصر، وانظر عمدة الحفاظ: عذر.

(٤) انظر: الأضداد ص ٣٢١، والبصائر ٤/ ٣٦.

(٥) راجع: اللسان مادة (عذر).