مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كثر

صفحة 703 - الجزء 1

  {لا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً}⁣[النساء: ٤٢] هو أن تنطق جوارحهم.

كثب

  قال تعالى: {وكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا}⁣[المزمل: ١٤] أي: رملا متراكما، وجمعه:

  أَكْثِبَةٌ، وكُثُبٌ، وكُثْبَانٌ، والْكَثِيبَةُ: القليل من اللَّبن، والقطعة من التّمر، سمّيت بذلك لاجتماعها، وكَثَبَ: إذا اجتمع، والْكَاثِبُ:

  الجامع، والتَّكْثِيبُ: الصّيد إذا أمكن من نفسه، والعرب تقول: أَكْثَبَكَ الصّيدُ فارمه⁣(⁣١)، وهو من الْكَثْبِ، أي: القُرْبِ.

كثر

  قد تقدّم أنّ الْكِثْرَةَ والقلَّة يستعملان في الكمّيّة المنفصلة كالأعداد⁣(⁣٢). قال تعالى: {ولَيَزِيدَنَّ كَثِيراً}⁣[المائدة: ٦٤]، {وأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ}⁣[المؤمنون: ٧٠]، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ}⁣[الأنبياء: ٢٤]، قال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً}⁣[البقرة: ٢٤٩]، وقال: {وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً ونِساءً}⁣[النساء: ١]، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ}⁣[البقرة: ١٠٩] إلى آيات كثيرة، وقوله: {بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}⁣[ص: ٥١] فإنه جعلها كثيرة اعتبارا بمطاعم الدّنيا، وليست الْكَثْرَةُ إشارة إلى العدد فقط بل إلى الفضل، ويقال: عدد كَثِيرٌ وكُثَارٌ وكَاثِرٌ: زائد، ورجل كَاثِرٌ: إذا كان كَثِيرَ المال، قال الشاعر:

  ٣٨٢ - ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر⁣(⁣٣)

  والْمُكَاثَرَةُ والتّكَاثُرُ: التّباري في كثرة المال والعزّ. قال تعالى: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ}⁣[التكاثر: ١] وفلان مَكْثُورٌ، أي: مغلوب في الكثرة، والمِكْثَارُ متعارف في كثرة الكلام، والكَثَرُ:

  الجمّار الكثير، وقد حكي بتسكين الثاء، وروي:

  «لا قطع في ثمر ولا كَثْرٍ»⁣(⁣٤) وقوله: {إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ}⁣[الكوثر: ١] قيل: هو نهر في الجنّة يتشعّب عنه الأنهار، وقيل: بل هو الخير العظيم الذي أعطاه النبيّ ، وقد يقال للرّجل السّخيّ: كَوْثَرٌ، ويقال: تَكَوْثَرَ الشيءُ: كَثُرَ كَثْرَةً متناهية، قال الشاعر:

  ٣٨٣ - وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا⁣(⁣٥)


(١) انظر: المجمل ٣/ ٧٧٩، وأساس البلاغة (كثب).

(٢) راجع مادة (كبر).

(٣) البيت تقدّم في مادة (قلّ).

(٤) الحديث عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول اللَّه يقول: «لا قطع في ثمر ولا كثر» أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤٦٣، ومالك في الموطأ ٢/ ٨٣٩، والنسائي ٨/ ٨٧. وهو حديث منقطع لكن له متابعات.

(٥) هذا عجز بيت، وصدره:

أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوهم

وهو لحسان بن نشيبة، والبيت في اللسان (كثر)، وأساس البلاغة (كثر)، وشرح الحماسة ١/ ١٧٧.