مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رب

صفحة 336 - الجزء 1

كتاب الرّاء

رب

  الرَّبُّ في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حدّ التمام، يقال رَبَّه، وربّاه ورَبَّبَه. وقيل: (لأن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن)⁣(⁣١). فالرّبّ مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرّبّ مطلقا إلا للَّه تعالى المتكفّل بمصلحة الموجودات، نحو قوله: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ورَبٌّ غَفُورٌ}⁣[سبأ: ١٥].

  وعلى هذا قوله تعالى: {ولا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ والنَّبِيِّينَ أَرْباباً}⁣[آل عمران: ٨٠] أي:

  آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبّب الأسباب، والمتولَّي لمصالح العباد، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قوله: {رَبِّ الْعالَمِينَ}⁣[الفاتحة: ١]، و {رَبُّكُمْ ورَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ}⁣[الصافات: ١٢٦]، ويقال: رَبُّ الدّار، ورَبُّ الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول اللَّه تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساه الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّه}⁣[يوسف: ٤٢]، وقوله تعالى: {ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ}⁣[يوسف: ٥٠]، وقوله: {قالَ مَعاذَ الله إِنَّه رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ}⁣[يوسف: ٢٣]، قيل:

  عنى به اللَّه تعالى، وقيل: عنى به الملك الذي ربّاه⁣(⁣٢)، والأوّل أليق بقوله. والرَّبَّانِيُّ قيل: منسوب إلى الرّبّان، ولفظ فعلان من: فعل يبنى نحو:

  عطشان وسكران، وقلَّما يبنى من فعل، وقد جاء نعسان. وقيل: هو منسوب إلى الرّبّ الذي هو المصدر، وهو الذي يربّ العلم كالحكيم، وقيل: منسوب إليه، ومعناه، يربّ نفسه بالعلم، وكلاهما في التحقيق متلازمان، لأنّ من ربّ نفسه بالعلم فقد ربّ العلم، ومن ربّ العلم فقد ربّ نفسه به. وقيل: هو منسوب إلى الرّبّ،


(١) هذا من حديث صفوان بن أمية لأبي سفيان يوم حنين قالها لما انهزم الناس أول المعركة من المسلمين انظر:

الروض الأنف ٤/ ١٢٤، والنهاية لابن الأثير ٢/ ١٨٠.

(٢) وهو قول أكثر المفسرين، ويرجّحه قوله: «أكرمي مثواه».