فلح
  {وفاكِهَةً وأَبًّا}[عبس: ٣١]، {فَواكِه وهُمْ مُكْرَمُونَ}[الصافات: ٤٢]، {وفَواكِه مِمَّا يَشْتَهُونَ}[المرسلات: ٤٢]، والفُكَاهَةُ:
  حديث ذوي الأنس، وقوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}(١) قيل: تتعاطون الفُكَاهَةَ، وقيل:
  تتناولون الْفَاكِهَةَ. وكذلك قوله: {فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ}[الطور: ١٨].
فلح
  الفَلْحُ: الشّقّ، وقيل: الحديد بالحديد يُفْلَحُ(٢)، أي: يشقّ. والفَلَّاحُ: الأكَّار لذلك، والفَلَاحُ: الظَّفَرُ وإدراك بغية، وذلك ضربان:
  دنيويّ وأخرويّ، فالدّنيويّ: الظَّفر بالسّعادات التي تطيب بها حياة الدّنيا، وهو البقاء والغنى والعزّ، وإيّاه قصد الشاعر بقوله:
  ٣٥٦ - أَفْلِحْ بما شئت فقد يدرك بالـ ... ـضعف وقد يخدّع الأريب(٣)
  وفَلَاحٌ أخرويّ، وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وعلم بلا جهل. ولذلك قيل: «لا عيش إلَّا عيش الآخرة»(٤) وقال تعالى: {وإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}[العنكبوت: ٦٤]، {أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: ٢٢]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: ١٤]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها}[الشمس: ٩]، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: ١]، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[البقرة: ١٨٩]، {إِنَّه لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ}[المؤمنون: ١١٧]، {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩]، وقوله: {وقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى}[طه: ٦٤]، فيصحّ أنهم قصدوا به الفلاح الدّنيويّ، وهو الأقرب، وسمّي السّحور الفَلَاحَ، ويقال: إنه سمّي بذلك لقولهم عنده: حيّ على الفلاح، وقولهم في الأذان: (حي على الفَلَاحِ) أي: على الظَّفر الذي جعله اللَّه لنا بالصلاة، وعلى هذا قوله (حتّى خفنا أن يفوتنا الفلاح)(٥)، أي: الظَّفر الذي جعل لنا بصلاة العتمة.
(١) سورة الواقعة: آية ٦٥. والقول الأصلح في الآية أنها بمعنى تتندمون أو تعجبون، لأنّ أوّل الآية: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناه حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}.
(٢) انظر: المجمل ٣/ ٧٠٥، واللسان (فلح)، والأمثال ص ٩٦.
(٣) البيت لعبيد بن الأبرص، من قصيدة له مطلعها:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيّات فالذّنوب
وهو في ديوانه ص ٢٦، وتفسير القرطبي ١/ ١٨٢.
(٤) الحديث عن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار يوم الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
فأجابهم النبي ﷺ: لا عيش إلا عيش الآخرة، فأكرم الأنصار والمهاجرة «. أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ٧/ ٩٠، ومسلم برقم ١٨٠٥، وأحمد ٣/ ١٧٠.
(٥) شطر من حديث وفيه: «فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئا من بقية الشهر». أخرجه أبو داود برقم (١٣٧٥)، وابن ماجة ١/ ٤٢٠، والنسائي ٣/ ٨٣: باب من صلَّى مع الإمام حتى ينصرف، وأحمد ٥/ ١٦٠.