مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فلح

صفحة 644 - الجزء 1

  {وفاكِهَةً وأَبًّا}⁣[عبس: ٣١]، {فَواكِه وهُمْ مُكْرَمُونَ}⁣[الصافات: ٤٢]، {وفَواكِه مِمَّا يَشْتَهُونَ}⁣[المرسلات: ٤٢]، والفُكَاهَةُ:

  حديث ذوي الأنس، وقوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}⁣(⁣١) قيل: تتعاطون الفُكَاهَةَ، وقيل:

  تتناولون الْفَاكِهَةَ. وكذلك قوله: {فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ}⁣[الطور: ١٨].

فلح

  الفَلْحُ: الشّقّ، وقيل: الحديد بالحديد يُفْلَحُ⁣(⁣٢)، أي: يشقّ. والفَلَّاحُ: الأكَّار لذلك، والفَلَاحُ: الظَّفَرُ وإدراك بغية، وذلك ضربان:

  دنيويّ وأخرويّ، فالدّنيويّ: الظَّفر بالسّعادات التي تطيب بها حياة الدّنيا، وهو البقاء والغنى والعزّ، وإيّاه قصد الشاعر بقوله:

  ٣٥٦ - أَفْلِحْ بما شئت فقد يدرك بالـ ... ـضعف وقد يخدّع الأريب⁣(⁣٣)

  وفَلَاحٌ أخرويّ، وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وعلم بلا جهل. ولذلك قيل: «لا عيش إلَّا عيش الآخرة»⁣(⁣٤) وقال تعالى: {وإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}⁣[العنكبوت: ٦٤]، {أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ}⁣[المجادلة: ٢٢]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}⁣[الأعلى: ١٤]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها}⁣[الشمس: ٩]، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}⁣[المؤمنون: ١]، {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}⁣[البقرة: ١٨٩]، {إِنَّه لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ}⁣[المؤمنون: ١١٧]، {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}⁣[الحشر: ٩]، وقوله: {وقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى}⁣[طه: ٦٤]، فيصحّ أنهم قصدوا به الفلاح الدّنيويّ، وهو الأقرب، وسمّي السّحور الفَلَاحَ، ويقال: إنه سمّي بذلك لقولهم عنده: حيّ على الفلاح، وقولهم في الأذان: (حي على الفَلَاحِ) أي: على الظَّفر الذي جعله اللَّه لنا بالصلاة، وعلى هذا قوله (حتّى خفنا أن يفوتنا الفلاح)⁣(⁣٥)، أي: الظَّفر الذي جعل لنا بصلاة العتمة.


(١) سورة الواقعة: آية ٦٥. والقول الأصلح في الآية أنها بمعنى تتندمون أو تعجبون، لأنّ أوّل الآية: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناه حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}.

(٢) انظر: المجمل ٣/ ٧٠٥، واللسان (فلح)، والأمثال ص ٩٦.

(٣) البيت لعبيد بن الأبرص، من قصيدة له مطلعها:

أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيّات فالذّنوب

وهو في ديوانه ص ٢٦، وتفسير القرطبي ١/ ١٨٢.

(٤) الحديث عن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار يوم الخندق:

نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا

فأجابهم النبي : لا عيش إلا عيش الآخرة، فأكرم الأنصار والمهاجرة «. أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ٧/ ٩٠، ومسلم برقم ١٨٠٥، وأحمد ٣/ ١٧٠.

(٥) شطر من حديث وفيه: «فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئا من بقية الشهر». أخرجه أبو داود برقم (١٣٧٥)، وابن ماجة ١/ ٤٢٠، والنسائي ٣/ ٨٣: باب من صلَّى مع الإمام حتى ينصرف، وأحمد ٥/ ١٦٠.