مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رسا

صفحة 354 - الجزء 1

رسا

  يقال: رَسَا الشيء يَرْسُو: ثبت، وأَرْسَاه غيره، قال تعالى: {وقُدُورٍ راسِياتٍ}⁣[سبأ: ١٣]، وقال: {رَواسِيَ شامِخاتٍ}⁣[المرسلات: ٢٧]، أي: جبالا ثابتات، {والْجِبالَ أَرْساها}⁣[النازعات: ٣٢]، وذلك إشارة إلى نحو قوله تعالى: {والْجِبالَ أَوْتاداً}⁣[النبأ: ٧]، قال الشاعر:

  ١٩٠ - ولا جبال إذا لم تَرْسِ أوتاد⁣(⁣١)

  وألقت السّحابة مَرَاسِيهَا، نحو: ألقت طنبها⁣(⁣٢)، وقال تعالى: {ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ الله مَجْراها ومُرْساها}⁣(⁣٣) من: أجريت، وأَرْسَيْتُ، فالمُرْسَى يقال للمصدر، والمكان، والزمان، والمفعول، وقرئ: (مجريها ومرسيها)⁣(⁣٤) وقوله: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها}⁣[الأعراف: ١٨٧]، أي: زمان ثبوتها، ورَسَوْتُ بين القوم، أي: أثبتّ بينهم إيقاع الصّلح.

رشد

  الرَّشَدُ والرُّشْدُ: خلاف الغيّ، يستعمل استعمال الهداية، يقال: رَشَدَ يَرْشُدُ، ورَشِدَ⁣(⁣٥) يَرْشَدُ قال: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}⁣[البقرة: ١٨٦]، وقال: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}⁣[البقرة: ٢٥٦]، وقال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}⁣[النساء: ٦]، {ولَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَه مِنْ قَبْلُ}⁣[الأنبياء: ٥١]، وبين الرّشدين - أعني: الرّشد المؤنس من اليتيم، والرّشد الذي أوتي إبراهيم # - بون بعيد. وقال: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً}⁣[الكهف: ٦٦]، وقال: {لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً}⁣[الكهف: ٢٤]، وقال بعضهم: الرَّشَدُ أخصّ من الرُّشْدِ، فإنّ الرُّشْدَ يقال في الأمور الدّنيوية والأخرويّة، والرَّشَدُ يقال في الأمور


(١) هذا عجز بيت، وشطره:

البيت لا يبتنى إلا له عمد

وهو للأفوه الأودي، من قصيدة له، وفيها يقول:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهّالهم سادوا

تلفى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ... فإن تولوا فبالأشرار تنقاد

وهو في الحماسة البصرية ٢/ ٦٩، والاختيارين ص ٧٦، وأمالي القالي ٢/ ٢٢٥، والطرائف الأدبية ص ٩.

(٢) ألقت السحابة مراسيها: استقّرت وجادت.

والطَّنب: حبل الخباء والسرادق. وانظر: المجمل ٢/ ٣٧٧، والبصائر ٣/ ٧٤.

(٣) سورة هود: آية ٤١، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وابن عامر وشعبة.

(٤) قرأ بفتح الميمين المطوّعي، وهي قراءة شاذة.

وقرأ حفص {مَجْراها ومُرْساها}

بفتح الميم الأولى، وضم الثانية، انظر: الإتحاف ٢٥٦.

(٥) انظر: الأفعال ٣/ ٨٥، والبصائر ٣/ ٧٥.