مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بخل

صفحة 109 - الجزء 1

  المعاينة، فيقال: بَحَرْتُ كذا: أوسعته سعة البحر، تشبيها به، ومنه: بَحرْتُ البعير: شققت أذنه شقا واسعا، ومنه سميت البَحِيرَة. قال تعالى: {ما جَعَلَ الله مِنْ بَحِيرَةٍ}⁣[المائدة: ١٠٣]، وذلك ما كانوا يجعلونه بالناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنها فيسيبونها، فلا تركب ولا يحمل عليها، وسموا كلّ متوسّع في شيء بَحْراً، حتى قالوا: فرس بحر، باعتبار سعة جريه، وقال عليه الصلاة والسلام في فرس ركبه: «وجدته بحرا»⁣(⁣١) وللمتوسع في علمه بحر، وقد تَبَحَّرَ أي: توسع في كذا، والتَبَحُّرُ في العلم: التوسع واعتبر من البحر تارة ملوحته فقيل: ماء بَحْرَانِي، أي: ملح، وقد أَبْحَرَ الماء. قال الشاعر:

  ٣٩ - قد عاد ماء الأرض بحرا فزادني ... إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب⁣(⁣٢)

  وقال بعضهم: البَحْرُ يقال في الأصل للماء الملح دون العذب⁣(⁣٣)، وقوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وهذا مِلْحٌ أُجاجٌ}⁣[الفرقان: ٥٣] إنما سمي العذب بحرا لكونه مع الملح، كما يقال للشمس والقمر: قمران، وقيل السحاب الذي كثر ماؤه: بنات بحر⁣(⁣٤).

  وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ}⁣[الروم: ٤١] قيل: أراد في البوادي والأرياف لا فيما بين الماء، وقولهم: لقيته صحرة بحرة، أي: ظاهرا حيث لا بناء يستره.

بخل

  البُخْلُ: إمساك المقتنيات عمّا لا يحق حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بَخِلَ فهو بَاخِلٌ، وأمّا البَخِيل فالذي يكثر منه البخل، كالرحيم من الراحم.

  والبُخْلُ ضربان: بخل بقنيات نفسه، وبخل بقنيات غيره، وهو أكثرها ذمّا، دليلنا على ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ويَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}⁣[النساء: ٣٧].


(١) الحديث: كان فزع بالمدينة فاستعار النبيّ فرسا من أبي طلحة يقال له: المندوب. فركب، فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا» أخرجه البخاري في الجهاد ٦/ ٥٨، ومسلم في باب شجاعة النبي رقم ٢٣٠٧، وأحمد ٢/ ١٦٣.

(٢) البيت لنصيب. وهو في الغريبين ١/ ١٤٠، والمجمل ١/ ١١٧، واللسان والتاج (بحر)، وشمس العلوم ١/ ١٣٥، وديوان الأدب ٢/ ٢٩٤.

(٣) وهذا قول نفطويه، حيث قال: كل ماء ملح فهو بحر وقول الأموي كذا. راجع الغريبين ١/ ١٤٠، واللسان (بحر).

(٤) ونقل هذا أيضا الأزهري عن الليث، ثم قال الأزهري: وهذا تصحيف منكر، والصواب: بنات بحر. قال أبو عبيد؟ عن الأصمعي: يقال لسحائب يأتين قبل الصيف منتصبات: بنات بخر، وبنات مخر بالباء والميم والخاء، فقد تصحفت على المؤلف. راجع: اللسان (بحر) ٤/ ٤٦. وقال ابن فارس: وبنات بخر: سحائب بيض تكون في الصيف. راجع المجمل ١/ ١١٧.