مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فقه

صفحة 642 - الجزء 1

  النّفس «(⁣١) والمعنيّ بقولهم: من عدم القناعة لم يفده المال غنى.

  الرابع: الفَقْرُ إلى اللَّه المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام: (اللَّهمّ أغنني بِالافْتِقَارِ إليك، ولا تُفْقِرْنِي بالاستغناء عنك)⁣(⁣٢)، وإيّاه عني بقوله تعالى: {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}⁣[القصص: ٢٤]، وبهذا ألمّ الشاعر فقال:

  ٣٥٤ - ويعجبني فقري إليك ولم يكن ... ليعجبني لولا محبّتك الفقر⁣(⁣٣)

  ويقال: افْتَقَرَ فهو مُفْتَقِرٌ وفَقِيرٌ، ولا يكاد يقال:

  فَقَرَ، وإن كان القياس يقتضيه. وأصل الفَقِيرِ: هو المكسورُ الْفِقَارِ، يقال: فَقَرَتْه فَاقِرَةٌ، أي داهية تكسر الفِقَارَ، وأَفْقَرَكَ الصّيدُ فارمه، أي: أمكنك من فِقَارِه، وقيل: هو من الْفُقْرَةِ أي: الحفرة، ومنه قيل لكلّ حفيرة يجتمع فيها الماء: فَقِيرٌ، وفَقَّرْتُ للفسيل: حفرت له حفيرة غرسته فيها، قال الشاعر:

  ٣٥٥ - ما ليلة الفقير إلَّا شيطان⁣(⁣٤)

  فقيل: هو اسم بئر، وفَقَرْتُ الخَرَزَ: ثقبته، وأَفْقَرْتُ البعير: ثقبت خطمه.

فقع

  يقال: أصفر فَاقِعٌ: إذا كان صادق الصّفرة، كقولهم: أسود حالك. قال تعالى: {صَفْراءُ فاقِعٌ}⁣[البقرة: ٦٩]، والْفَقْعُ: ضرب من الكمأة، وبه يشبّه الذّليل، فيقال: أذلّ من فَقْعٍ بقاع⁣(⁣٥)، قال الخليل⁣(⁣٦): سمّي الفُقَّاعُ لما يرتفع من زبده، وفَقَاقِيعُ الماء تشبيها به.

فقه

  الفِقْه: هو التّوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، فهو أخصّ من العلم. قال تعالى: {فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً}⁣[النساء: ٧٨]، {ولكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ}⁣[المنافقون: ٧]، إلى غير ذلك من الآيات، والفِقْه: العلم بأحكام الشريعة، يقال: فَقُه الرّجل فَقَاهَةً: إذا صار فَقِيهاً⁣(⁣٧)، وفَقِه أي: فهم


(١) الحديث تقدّم في مادة (غنى). [استدراك]

(٢) ليس هذا من كلام رسول اللَّه ، وإنما هو من دعاء عمرو بن عبيد. انظر: جواهر الألفاظ ص ٥، ومجمع البلاغة للراغب ١/ ٣٤٦.

(٣) البيت في البصائر ٤/ ٢٠٥ دون نسبة. وهو للبحتري من قصيدة له يمدح بها الفتح بن خاقان، ومطلعها:

متى لاح برق أو بدا طلل قفر ... جرى مستهلّ لا بكيّ ولا نزر

وهو في ديوانه ١/ ١٠٢، والصناعتين ص ١٢٨، والزهرة ١/ ٦٨، وعمدة الحفاظ: فقر.

(٤) هذا شطر بيت، وعجزه:

مجنونة تؤدي بروح الإنسان

وهو للجليح بن شديد رفيق الشماخ. وقيل: هو للشماخ في ديوانه ص ٤١٣، واللسان (فقر)، والمجمل ٣/ ٧٠٣، والأوّل أصح، وتقدّم ص ٤٥٥.

(٥) انظر: المجمل ٣/ ٧٠٣.

(٦) العين ١/ ١٧٦.

(٧) قال السرقسطي: فقهت عنك فقها: فهمت، وفقه فقها: صار فقيها، وفقهت الرجل: غلبته في الفقه. انظر: الأفعال ٤/ ٤٨، والمثلث للبطليوسي ٢/ ٣٤٤.