مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

نهى

صفحة 826 - الجزء 1

  الناس. قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ ونَهَرٍ}⁣[القمر: ٥٤]، {ويَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً}⁣[نوح: ١٢]، {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ}⁣[المائدة: ١١٩].

  والنّهر: السّعة تشبيها بنهر الماء، ومنه: أَنْهَرْتُ الدَّمَ. أي: أسلته إسالة، وأَنْهَرَ الماء: جرى، ونَهْرٌ نَهِرٌ: كثير الماء، قال أبو ذؤيب:

  ٤٥٣ - أقامت به فابتنت خيمة ... على قصب وفرات نهر⁣(⁣١)

  والنهارُ: الوقت الذي ينتشر فيه الضّوء، وهو في الشرع: ما بين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، وفي الأصل ما بين طلوع الشمس إلى غروبها. قال تعالى: {وهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً}⁣[الفرقان: ٦٢] وقال: {أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً}⁣[يونس: ٢٤] وقابل به البيات في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُه بَياتاً أَوْ نَهاراً}⁣[يونس: ٥٠] ورجل نَهِرٌ:

  صاحب نهار، والنهار: فرخ الحبارى، والمنهرة:

  فضاء بين البيوت كالموضع الذي تلقى فيه الكناسة، والنَّهْرُ والانتهارُ: الزّجر بمغالظة، يقال: نَهَرَه وانتهره، قال: {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما}⁣[الإسراء: ٢٣]، {وأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}⁣[الضحى: ١٠].

نهى

  النهي: الزّجر عن الشيء. قال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى}⁣[العلق: ٩ - ١٠] وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو: اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل. ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل: لا تفعل كذا فنهي من حيث اللفظ والمعنى جميعا. نحو قوله تعالى: {ولا تَقْرَبا هذِه الشَّجَرَةَ}⁣[البقرة: ٣٥]، ولهذا قال: {ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِه الشَّجَرَةِ}⁣[الأعراف: ٢٠] وقوله: {وأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّه ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى}⁣[النازعات: ٤٠] فإنه لم يعن أن يقول لنفسه: لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عمّا نزعت إليه وهمّت به، وكذا النهي عن المنكر يكون تارة باليد، وتارة باللَّسان، وتارة بالقلب. قال تعالى: {أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا}⁣[هود: ٦٢] وقوله: {إِنَّ الله يَأْمُرُ} إلى قوله: {ويَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ}⁣[النحل: ٩٠](⁣٢)، أي: يحثّ على فعل الخير ويزجر عن الشّرّ، وذلك بعضه بالعقل الذي ركَّبه فينا، وبعضه بالشّرع الذي شرعه لنا، والانتهَاءُ: الانزجار عمّا نهى عنه، قال تعالى:


(١) البيت في ديوان الهذليين ١/ ١٤٦، وشرح أشعار الهذليين ١/ ١١٢، وتهذيب إصلاح المنطق ١/ ١٣٠.

(٢) الآية: {إِنَّ اللَّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإِحْسانِ وإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ويَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ والْبَغْيِ}.