بتر
  ٣٨ - فعل السريعة بادرت جدّادها ... قبل المساء تهمّ بالإسراع
بتر
  البَتَر يقارب ما تقدّم، لكن يستعمل في قطع الذّنب، ثم أجري قطع العقب مجراه.
  فقيل: فلان أَبْتَر: إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أَبْتَر وأَبَاتِر: انقطع ذكره عن الخير ورجل أَبَاتِر: يقطع رحمه، وقيل على طريق التشبيه:
  خطبة بَتْرَاء لما لم يذكر فيها اسم اللَّه تعالى.
  وذلك لقوله #: «كلّ أمر لا يبدأ فيه بذكر اللَّه فهو أبتر»(١).
  وقوله تعالى: {إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}[الكوثر: ٣] أي: المقطوع الذكر، وذلك أنهم زعموا أنّ محمدا ﷺ ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله، فنبّه تعالى أنّ الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنؤه، فأمّا هو فكما وصفه اللَّه تعالى بقوله: {ورَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح: ٤] وذلك لجعله أبا للمؤمنين، وتقييض من يراعيه ويراعي دينه الحق، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين ¥ بقوله: «العلماء باقون ما بقي الدّهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة»(٢) هذا في العلماء الذين هم تبّاع النبي عليه الصلاة والسلام، فكيف هو وقد رفع اللَّه ø ذكره، وجعله خاتم الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام؟!
بتل
  قال تعالى: {وتَبَتَّلْ إِلَيْه تَبْتِيلًا}[المزمل: ٨] أي: انقطع في العبادة وإخلاص النية انقطاعا يختص به، وإلى هذا المعنى أشار بقوله ø: {قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ}[الأنعام: ٩١] وليس هذا منافيا لقوله عليه الصلاة والسلام:
  «لا رهبانية ولا تَبَتُّلَ في الإسلام»(٣) فإنّ التبتل هاهنا هو الانقطاع عن النكاح، ومنه قيل لمريم:
  العذراء البَتُول، أي: المنقطعة عن الرجال(٤)، والانقطاع عن النكاح والرغبة عنه محظور لقوله ø: {وأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ}[النور: ٣٢]،
(١) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر اللَّه ø فهو أبتر، أو قال: أقطع» أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٥٩. وابن ماجة ١/ ٦١٠، وحسّنه النووي وابن الصلاح.
(٢) انظر: شرح نهج البلاغة ٢/ ١٧٢.
(٣) قال ابن حجر في الفتح: لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: «إنّ اللَّه أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة»، وفي الحديث: نهى رسول اللَّه عن التبتل أخرجه أحمد ١/ ١٧٥، وابن ماجة ١/ ٥٩٣.
راجع فتح الباري ٩/ ١١١، وذكره السيوطي في الجامع الصغير بلفظ: «ولا ترهّب في الإسلام» ونسبه إلى عبد الرزاق عن طاوس مرسلا. راجع شرح السنة ٢/ ٣٧١، وذكره البغوي ولم يعزه.
(٤) راجع المجمل ١/ ١١٥، والغريبين ١/ ١٣٢، واللسان (بتل).