مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

شتت

صفحة 445 - الجزء 1

  بعض الرّاسخين في العلم، ويخفى على من دونهم، وهو الضّرب المشار إليه بقوله # في عليّ ¥: «اللَّهمّ فقّهه في الدّين وعلَّمه التّأويل»⁣(⁣١)، وقوله لابن عبّاس مثل ذلك⁣(⁣٢). وإذ عرفت هذه الجملة علم أنّ الوقف على قوله: {وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَه إِلَّا الله}⁣[آل عمران: ٧]، ووصله بقوله: {والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}⁣[آل عمران: ٧] جائز، وأنّ لكلّ واحد منهما وجها حسبما دلّ عليه التّفصيل المتقدّم⁣(⁣٣). وقوله: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً}⁣[الزمر: ٢٣]، فإنّه يعني ما يشبه بعضه بعضا في الأحكام، والحكمة واستقامة النّظم. وقوله: {ولكِنْ شُبِّه} لَهُمْ⁣(⁣٤) أي: مثّل لهم من حسبوه إيّاه، والشَّبَه من الجواهر: ما يشبه لونه لون الذّهب.

شتت

  الشَّتُّ: تفريق الشّعب، يقال: شَتَّ جمعهم شَتّاً وشَتَاتاً، وجاؤوا أَشْتَاتاً، أي: متفرّقي النّظام، قال: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً}⁣[الزلزلة: ٦]، وقال: {مِنْ نَباتٍ شَتَّى}⁣[طه: ٥٣]، أي: مختلفة الأنواع، {وقُلُوبُهُمْ شَتَّى}⁣[الحشر: ١٤]، أي: هم بخلاف من وصفهم بقوله: {ولكِنَّ الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}⁣[الأنفال: ٦٣].

  و (شَتَّانَ): اسم فعل، نحو: وشكان، يقال:

  شتّان ما هما، وشتّان ما بينهما: إذا أخبرت عن ارتفاع الالتئام بينهما.

شتا

  قال ø: {رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيْفِ}⁣[قريش: ٢]، يقال: شَتَّى وأَشْتَى، وصاف وأصاف، والْمَشْتَى والْمَشْتَاةَ للوقت، والموضع، والمصدر، قال الشاعر:

  ٢٥٩ - نحن في المشتاة ندعو الجفلى⁣(⁣٥)


(١) لم أجده، لكن جاء عن عليّ ¥ قال: بعثني رسول اللَّه إلى اليمن لأقضي بينهم، فقلت: يا رسول اللَّه لا علم لي بالقضاء، فضرب بيده على صدري، وقال: «اللهم اهد قلبه، وسدد لسانه». أخرجه النسائي في تهذيب خصائص عليّ بن أبي طالب ص ٤٣، وهو ضعيف.

(٢) الحديث عن ابن عباس أنّ النبي دخل الخلاء، فوضعت له وضوءا، قال: «من وضع هذا»؟ فأخبر فقال:

«اللهم فقهه في الدين». أخرجه البخاري في باب وضع الماء عند الخلاء ١/ ٢٢٤.

وقال ابن حجر: وهذه اللفظة اشتهرت على الألسنة: «اللهم فقهه في الدين، وعلَّمه التأويل» حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب، والحديث عند أحمد بهذا اللفظ، وعند الطبراني من وجهين آخرين. انظر فتح الباري ٧/ ١٠٠ فضائل ابن عباس، ومسند أحمد ١/ ٢٦٦، ومجمع الزوائد ٩/ ٢٧٩.

(٣) ما بين [] نقله السيوطي بطوله في الإتقان ٢/ ٦.

(٤) سورة النساء: آية ١٥٧. وقد نقل أكثر هذا الباب الفيروزآبادي حرفيا في البصائر ٣/ ٢٩٤ - ٢٩٧.

(٥) هذا شطر بيت لطرفة، وعجزه:

لا ترى الآدب فينا ينتقر

وهو في ديوانه ص ٥٥، واللسان (جفل). والجفلى: أن تدعو الناس إلى طعامك عامة، والنقرى: أن تدعو الخاصة.