مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

شفا

صفحة 459 - الجزء 1

  {وهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ}⁣[الأنبياء: ٤٩]، فإذا عدّي (بمن) فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدّي ب (في) فمعنى العناية فيه أظهر. قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ}⁣[الطور: ٢٦]، {مُشْفِقُونَ مِنْها}⁣[الشورى: ١٨]، {مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا}⁣[الشورى: ٢٢]، {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا}⁣[المجادلة: ١٣].

شفا

  شَفَا البئر وغيرها: حرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك. قال تعالى: {عَلى شَفا جُرُفٍ}⁣[التوبة: ١٠٩]، {وكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ}⁣[آل عمران: ١٠٣]، وأَشْفَى فلان على الهلاك، أي: حصل على شفاه، ومنه استعير: ما بقي من كذا إلَّا شَفاً⁣(⁣١)، أي: قليل كشفا البئر. وتثنية شفا شَفَوَانِ، وجمعه أَشْفَاءٌ، والشِّفَاءُ من المرض: موافاة شفا السّلامة، وصار اسما للبرء. قال في صفة العسل: {فِيه شِفاءٌ لِلنَّاسِ}⁣[النحل: ٦٩]، وقال في صفة القرآن: {هُدىً وشِفاءٌ}⁣[فصلت: ٤٤]، {وشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ}⁣[يونس: ٥٧]، {ويَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}⁣[التوبة: ١٤].

شق

  الشَّقُّ: الخرم الواقع في الشيء. يقال:

  شَقَقْتُه بنصفين. قال تعالى: {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا}⁣[عبس: ٢٦]، {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً}⁣[ق: ٤٤]، {وانْشَقَّتِ السَّماءُ}⁣[الحاقة: ١٦]، {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}⁣[الانشقاق: ١]، {وانْشَقَّ الْقَمَرُ}⁣[القمر: ١]، وقيل: انْشِقَاقُه في زمن النّبيّ عليه الصلاة والسلام، وقيل: هو انْشِقَاقٌ يعرض فيه حين تقرب القيامة⁣(⁣٢)، وقيل معناه: وضح الأمر⁣(⁣٣)، والشِّقَّةُ: القطعة الْمُنْشَقَّةُ كالنّصف، ومنه قيل:

  طار فلان من الغضب شِقَاقًا، وطارت منهم شِقَّةٌ، كقولك: قطع غضبا⁣(⁣٤). والشِّقُّ: الْمَشَقَّةُ والانكسار الذي يلحق النّفس والبدن، وذلك كاستعارة الانكسار لها. قال ø: {لَمْ تَكُونُوا بالِغِيه إِلَّا بِشِقِّ الأَنْفُسِ}⁣[النحل: ٧]، والشُّقَّةُ:

  النّاحية التي تلحقك المشقّة في الوصول إليها، وقال: {بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}⁣[التوبة: ٤٢]، والشِّقَاقُ: المخالفة، وكونك في شِقٍّ غير شِقِّ


(١) انظر: البصائر ٣/ ٣٣٠، وأساس البلاغة ص ٢٣٨، والمجمل ٢/ ٥٠٧.

(٢) وهذا قول الحسن البصري، انظر: تفسير الماوردي ٤/ ١٣٥.

(٣) وذلك لأنّ العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح أمره، قال الشاعر:

أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل

فقد حمّت الحاجات، والليل مقمر ... وشدّت لطيّات مطايا وأرحل

انظر: تفسير الماوردي ٤/ ١٣٤.

(٤) انظر عمدة الحفاظ: شق.