مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حبك

صفحة 217 - الجزء 1

حبك

  قال تعالى: {والسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ}⁣[الذاريات: ٧]، هي ذات الطرائق فمن الناس من تصوّر منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرّة، ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة، وإلى ذلك أشار بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِياماً وقُعُوداً وعَلى جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ}⁣[آل عمران: ١٩١]. وأصله من قولهم: بعير مَحْبُوك القرا⁣(⁣١)، أي: محكمه، والاحتباك: شدّ الإزار.

حبل

  الحَبْلُ معروف، قال ø: {فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}⁣[المسد: ٥]، وشبّه به من حيث الهيئة حبل الوريد وحبل العاتق، والحبل:

  المستطيل من الرّمل، واستعير للوصل، ولكلّ ما يتوصّل به إلى شيء. قال ø: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً}⁣[آل عمران: ١٠٣]، فحبله هو الذي معه التوصل به إليه من القرآن والعقل، وغير ذلك ممّا إذا اعتصمت به أدّاك إلى جواره، ويقال للعهد حبل، وقوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ الله وحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}⁣[آل عمران: ١١٢]، ففيه تنبيه أنّ الكافر يحتاج إلى عهدين:

  - عهد من اللَّه، وهو أن يكون من أهل كتاب أنزله اللَّه تعالى، وإلَّا لم يقرّ على دينه، ولم يجعل له ذمّة.

  - وإلى عهد من الناس يبذلونه له.

  والحِبَالَة خصّت بحبل الصائد، جمعها:

  حَبَائِل، وروي (النّساء حبائل الشّيطان)⁣(⁣٢).

  والمُحْتَبِل والحَابِل: صاحب الحبالة، وقيل:

  وقع حابلهم على نابلهم⁣(⁣٣)، والحُبْلَة: اسم لما يجعل في القلادة.


(١) القرا: الظَّهر.

(٢) الحديث أخرجه أبو نعيم عن ابن مسعود، والديلمي عن عبد اللَّه بن عامر وعقبة بن عامر، وقال ابن الفرس: الحديث حسن. راجع: كشف الخفاء ٢/ ٤، والفتح الكبير ٢/ ١٨١.

(٣) قال في اللسان: وفي المثل: ثار حابلهم على نابلهم، أي: أوقدوا بينهم الشر. راجع اللسان: (نبل).