مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عوذ

صفحة 594 - الجزء 1

  الكفّارة إذا حنث كلزوم الكفّارة المبيّنة في الحلف باللَّه، والحنث في قوله {فَكَفَّارَتُه إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ}⁣[المائدة: ٨٩]، وإعَادَةُ الشيء كالحديث وغيره تكريره. قال تعالى: {سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الأُولى}⁣[طه: ٢١]، {أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ}⁣[الكهف: ٢٠]. والعَادَةُ: اسم لتكرير الفعل والانفعال حتى يصير ذلك سهلا تعاطيه كالطَّبع، ولذلك قيل: العَادَةُ طبيعة ثانية.

  والعِيدُ: ما يُعَاوِدُ مرّة بعد أخرى، وخصّ في الشّريعة بيوم الفطر ويوم النّحر، ولمّا كان ذلك اليوم مجعولا للسّرور في الشريعة كما نبّه النّبيّ بقوله: «أيّام أكل وشرب وبعال»⁣(⁣١) صار يستعمل العِيدُ في كلّ يوم فيه مسرّة، وعلى ذلك قوله تعالى: {أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً}⁣[المائدة: ١١٤]. [والعِيدُ: كلّ حالة تُعَاوِدُ الإنسان، والعَائِدَةُ: كلّ نفع يرجع إلى الإنسان من شيء ما]⁣(⁣٢)، والمَعادُ يقال للعود وللزّمان الذي يَعُودُ فيه، وقد يكون للمكان الذي يَعُودُ إليه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ}⁣[القصص: ٨٥]، قيل: أراد به مكَّة⁣(⁣٣)، والصحيح ما أشار إليه أمير المؤمنين # وذكره ابن عباس أنّ ذلك إشارة إلى الجنّة التي خلقه فيها بالقوّة في ظهر آدم⁣(⁣٤)، وأظهر منه حيث قال: {وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ... الآية}⁣[الأعراف: ١٧٢]. والعَوْدُ:

  البعير المسنّ اعتبارا بِمُعَاوَدَتِه السّير والعمل، أو بِمُعَاوَدَةِ السّنين إيّاه، وعَوْدِ سنة بعد سنة عليه، فعلى الأوّل يكون بمعنى الفاعل، وعلى الثاني بمعنى المفعول. والعَوْدُ: الطريق القديم الذي يَعُودُ إليه السّفر، ومن العَوْدِ: عِيَادَةُ المريض، والعِيدِيَّةُ: إبل منسوبة إلى فحل يقال له: عِيدٌ، والْعُودُ قيل: هو في الأصل الخشب الذي من شأنه أن يَعُودُ إذا قطع، وقد خصّ بالمزهر المعروف وبالذي يتبخّر به.

عوذ

  العَوْذُ: الالتجاء إلى الغير والتّعلَّق به. يقال:


(١) الحديث عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمّه رفعته قالت: بعث النبي عليا أيام التشريق ينادي: أيها الناس، إنها أيام أكل وشرب وبعال. أخرجه أحمد بن منيع ومسدّد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وفيه ضعف. انظر: المطالب العالية ١/ ٢٩٨. ولمسلم برقم (١١٤١): «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر اللَّه»، وليس فيه: (وبعال).

(٢) ما بين [] نقله السمين في الدر المصون ٤/ ٥٠٤.

(٣) وهذا قول ابن عباس والضحاك ومجاهد. انظر: الدر المنثور ٦/ ٤٤٥.

(٤) أخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن عليّ ¥ عن النبي في قوله: {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} قال: الجنة. وعن ابن عباس في الآية قال: إلى معدنك من الجنة. انظر: الدر المنثور ٦/ ٤٤٧.