مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حيف

صفحة 266 - الجزء 1

  تنبيها أنّ الصّبر التّامّ إنّما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء، وذلك صعب إلَّا بفيض إلهيّ.

  وقوله ø: {وظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ}⁣[يونس: ٢٢]، فذلك إحاطة بالقدرة، وكذلك قوله ø: {وأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ الله بِها}⁣[الفتح: ٢١]، وعلى ذلك قوله: {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ}⁣[هود: ٨٤].

حيف

  الحَيْفُ: الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين، قال اللَّه تعالى: {أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ الله عَلَيْهِمْ ورَسُولُه بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}⁣[النور: ٥٠]، أي: يخافون أن يجور في حكمه. ويقال تَحَيَّفْتُ الشيء أخذته من جوانبه⁣(⁣١).

حاق

  قوله تعالى: {وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِه يَسْتَهْزِؤُنَ}⁣[هود: ٨]. قال ø: {ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}⁣[فاطر: ٤٣]، أي: لا ينزل ولا يصيب، قيل: وأصله حقّ فقلب، نحو: زلّ وزال، وقد قرئ: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ}⁣[البقرة: ٣٦]، وأزالهما⁣(⁣٢) وعلى هذا: ذمّه وذامه.

حول

  أصل الحَوْل تغيّر الشيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التّغيّر قيل: حَالَ الشيء يَحُولُ حُؤُولًا، واستحال: تهيّأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل: حَالَ بيني وبينك كذا، وقوله تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وقَلْبِه}⁣[الأنفال: ٢٤]، فإشارة إلى ما قيل في وصفه: (يا مقلَّب القلوب والأبصار)⁣(⁣٣)، وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل: على ذلك {وحِيلَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ}⁣[سبأ: ٥٤]، وقال بعضهم في قوله: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وقَلْبِه}⁣[الأنفال: ٢٤]، هو أن يهلكه، أو يردّه إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا⁣(⁣٤)، وحَوَّلْتُ الشيء فَتَحَوَّلَ:

  غيّرته، إمّا بالذات، وإمّا بالحكم والقول، ومنه:

  أَحَلْتُ على فلان بالدّين. وقولك: حوّلت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصّورة الأولى، وفي المثل⁣(⁣٥): لو كان ذا حيلة لتحوّل، وقوله ø: {لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا}⁣[الكهف: ١٠٨]، أي: تحوّلا.

  والحَوْلُ: السّنة، اعتبارا بانقلابها ودوران الشّمس في مطالعها ومغاربها، قال اللَّه تعالى:


(١) انظر: المجمل ١/ ٢٥٩.

(٢) وبها قرأ حمزة. انظر: الإتحاف ١٣٤.

(٣) الحديث عن أنس قال: كان النبيّ يكثر أن يقول: يا مقلَّب القلوب ثبّت قلبي على دينك. أخرجه أحمد ٣/ ١١٢.

(٤) انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل ١/ ٤٣٨.

(٥) الأمثال لأبي عبيد ص ٣٣٧، ومجمع الأمثال ٢/ ١٧٥.