أخذ
  الإثبات، لأنّ نفي المتضادين يصح، ولا يصحّ إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحدٍ منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحدٍ فاضلين(١)، كقوله تعالى: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْه حاجِزِينَ}[الحاقة: ٤٧].
  وأمّا المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه:
  الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.
  والثاني: أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّه خَمْراً}[يوسف: ٤١]، وقولهم:
  يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.
  والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف اللَّه تعالى بقوله: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]، وأصله: وحد(٢)، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة:
  ١٠ - كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد(٣)
أخذ
  الأَخْذُ: حوز الشيء وتحصيله، وذلك تارةً بالتناول نحو: {مَعاذَ الله أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَه}[يوسف: ٧٩]، وتارةً بالقهر نحو قوله تعالى: {لا تَأْخُذُه سِنَةٌ ولا نَوْمٌ}[البقرة: ٢٥٥].
  ويقال: أخذته الحمّى، وقال تعالى: {وأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}[هود: ٦٧]، {فَأَخَذَه الله نَكالَ الآخِرَةِ والأُولى}[النازعات: ٢٥]، وقال: {وكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى}[هود: ١٠٢].
  ويعبّر عن الأسير بالأَخِيذِ والمأخوذ، والاتّخاذ افتعال منه، ويعدّى إلى مفعولين ويجري مجرى الجعل نحو قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ والنَّصارى أَوْلِياءَ}[المائدة: ٥١]، {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِه أَوْلِياءَ}[الشورى: ٩]، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا}[المؤمنون: ١١٠]، {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله}[المائدة: ١١٦]، وقوله تعالى: {ولَوْ يُؤاخِذُ الله النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ}[النحل: ٦١] فتخصيص لفظ المؤاخذة تنبيه على معنى المجازاة والمقابلة لما أخذوه من النعم فلم يقابلوه بالشكر.
(١) وهذا النقل حرفياً في البصائر ٢/ ٩١.
(٢) قال الفيروزآبادي: وأصله وحد، أبدلوا الواو همزةً على عادتهم في الواوات الواقعة في أوائل الكلم، كما في: أجوه ووجوه، وإشاح ووشاح، وامرأة أناة ووناة. انظر: البصائر ٢/ ٩٢.
(٣) البيت من معلقته، وهو في ديوانه ص ٣١، وشرح المعلقات للنحاس ٢/ ١٦٢.