مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أخذ

صفحة 67 - الجزء 1

  الإثبات، لأنّ نفي المتضادين يصح، ولا يصحّ إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحدٍ منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحدٍ فاضلين⁣(⁣١)، كقوله تعالى: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْه حاجِزِينَ}⁣[الحاقة: ٤٧].

  وأمّا المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه:

  الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.

  والثاني: أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّه خَمْراً}⁣[يوسف: ٤١]، وقولهم:

  يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.

  والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف اللَّه تعالى بقوله: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ١]، وأصله: وحد⁣(⁣٢)، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة:

  ١٠ - كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد⁣(⁣٣)

أخذ

  الأَخْذُ: حوز الشيء وتحصيله، وذلك تارةً بالتناول نحو: {مَعاذَ الله أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَه}⁣[يوسف: ٧٩]، وتارةً بالقهر نحو قوله تعالى: {لا تَأْخُذُه سِنَةٌ ولا نَوْمٌ}⁣[البقرة: ٢٥٥].

  ويقال: أخذته الحمّى، وقال تعالى: {وأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}⁣[هود: ٦٧]، {فَأَخَذَه الله نَكالَ الآخِرَةِ والأُولى}⁣[النازعات: ٢٥]، وقال: {وكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى}⁣[هود: ١٠٢].

  ويعبّر عن الأسير بالأَخِيذِ والمأخوذ، والاتّخاذ افتعال منه، ويعدّى إلى مفعولين ويجري مجرى الجعل نحو قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ والنَّصارى أَوْلِياءَ}⁣[المائدة: ٥١]، {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِه أَوْلِياءَ}⁣[الشورى: ٩]، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا}⁣[المؤمنون: ١١٠]، {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله}⁣[المائدة: ١١٦]، وقوله تعالى: {ولَوْ يُؤاخِذُ الله النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ}⁣[النحل: ٦١] فتخصيص لفظ المؤاخذة تنبيه على معنى المجازاة والمقابلة لما أخذوه من النعم فلم يقابلوه بالشكر.


(١) وهذا النقل حرفياً في البصائر ٢/ ٩١.

(٢) قال الفيروزآبادي: وأصله وحد، أبدلوا الواو همزةً على عادتهم في الواوات الواقعة في أوائل الكلم، كما في: أجوه ووجوه، وإشاح ووشاح، وامرأة أناة ووناة. انظر: البصائر ٢/ ٩٢.

(٣) البيت من معلقته، وهو في ديوانه ص ٣١، وشرح المعلقات للنحاس ٢/ ١٦٢.