مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عقب

صفحة 575 - الجزء 1

  والعافي: ما يردّه مستعير القدر من المرق في قدره.

عقب

  العَقِبُ: مؤخّر الرّجل، وقيل: عَقْبٌ، وجمعه: أعقاب، وروي: «ويل للأعقاب من النّار»⁣(⁣١) واستعير العَقِبُ للولد وولد الولد. قال تعالى: {وجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِه}⁣[الزخرف: ٢٨]، وعَقِبِ الشّهر، من قولهم:

  جاء في عقب الشّهر، أي: آخره، وجاء في عَقِبِه: إذا بقيت منه بقيّة، ورجع على عَقِبِه: إذا انثنى راجعا، وانقلب على عقبيه، نحو رجع على حافرته⁣(⁣٢)، ونحو: {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً}⁣[الكهف: ٦٤]، وقولهم: رجع عوده على بدئه⁣(⁣٣)، قال: {ونُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا}⁣[الأنعام: ٧١]، {انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ}⁣[آل عمران: ١٤٤]، {ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه}⁣[آل عمران: ١٤٤]، و {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْه}⁣[الأنفال: ٤٨]، {فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ}⁣[المؤمنون: ٦٦]. وعَقَبَه: إذا تلاه عقبا، نحو دبره وقفاه، والعُقْبُ والعُقْبَى يختصّان بالثّواب نحو: {خَيْرٌ ثَواباً وخَيْرٌ عُقْباً}⁣[الكهف: ٤٤]، وقال تعالى: {أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}⁣[الرعد: ٢٢]، والعاقِبةَ إطلاقها يختصّ بالثّواب نحو: {والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}⁣[القصص: ٨٣]، وبالإضافة قد تستعمل في العقوبة نحو: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا}⁣[الروم: ١٠]، وقوله تعالى: {فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ}⁣[الحشر: ١٧]، يصحّ أن يكون ذلك استعارة من ضدّه، كقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}⁣[آل عمران: ٢١]. والعُقُوبَةُ والمعاقبة والعِقَاب يختصّ بالعذاب، قال: {فَحَقَّ عِقابِ}⁣[ص: ١٤]، {شَدِيدُ الْعِقابِ}⁣[الحشر: ٤]، {وإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِه}⁣[النحل: ١٢٦]، {ومَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِه}⁣[الحج: ٦٠].

  والتَّعْقيبُ: أن يأتي بشيء بعد آخر، يقال: عَقَّبَ الفرسُ في عدوه. قال: {لَه مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه}⁣[الرعد: ١١]، أي: ملائكة يتعاقبون عليه حافظين له. وقوله: {لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه}⁣[الرعد: ٤١]، أي: لا أحد يتعقّبه ويبحث عن فعله، من قولهم: عَقَّبَ الحاكم على حكم من قبله: إذا تتبّعه. قال الشاعر:


(١) الحديث عن عبد اللَّه بن عمرو قال: تخلَّف النبيّ عنّا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار. أخرجه البخاري في الوضوء باب غسل الرجلين ١/ ٢٦٥، ومسلم برقم (٢٤١).

(٢) ومثلها يقال: ارتدّ على أدباره، ونكس على رأسه، وارتكس في أمره. انظر: جواهر الألفاظ ص ٣٨٤.

(٣) ومثله يقال: عاد إلى أصله، واعتمد على جذله، وصار في معدنه، وتبوّأ ضواحي عطنه، وأوى إلى محكم أساسه. انظر: جواهر الألفاظ ص ٢٢٢.