مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عدن

صفحة 553 - الجزء 1

  يكون له خير يقبل منه، وقوله: {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}⁣[الأنعام: ١]، أي: يجعلون له عَدِيلًا فصار كقوله: {هُمْ بِه مُشْرِكُونَ}⁣[النحل: ١٠٠]، وقيل: يَعْدِلُونَ بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل: يَعْدِلُونَ بعبادتهم عنه تعالى، وقوله: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}⁣[النمل: ٦٠]، يصحّ أن يكون من قولهم: عَدَلَ عن الحقّ: إذا جار عُدُولًا، وأيّام مُعْتَدِلَاتٌ: طيّبات لِاعْتِدَالِهَا، وعَادَلَ بين الأمرين: إذا نظر أيّهما أرجح، وعَادَلَ الأمرَ: ارتبك فيه، فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم: (وضع على يدي عَدْلٍ) فمثل مشهور⁣(⁣١).

عدن

  قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ}⁣[النحل: ٣١]، أي: استقرار وثبات، وعَدَنَ بمكان كذا: استقرّ، ومنه المَعْدِنُ: لمستقرّ الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام: «المَعْدِنُ جُبَارٌ»⁣(⁣٢).

عدا

  العَدُوُّ: التّجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب، فيقال له: العَدَاوَةُ والمُعَادَاةُ، وتارة بالمشي، فيقال له: العَدْوُ، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له: العُدْوَانُ والعَدْوُ. قال تعالى: {فَيَسُبُّوا الله عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣[الأنعام: ١٠٨]، وتارة بأجزاء المقرّ، فيقال له: العَدْوَاءُ. يقال: مكان ذو عَدْوَاءَ⁣(⁣٣)، أي: غير متلائم الأجزاء. فمن المُعَادَاةِ يقال:

  رجلٌ عَدُوٌّ، وقومٌ عَدُوٌّ. قال تعالى: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}⁣[طه: ١٢٣]، وقد يجمع على عِدًى وأَعْدَاءٍ. قال تعالى: {ويَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ الله}⁣[فصلت: ١٩]، والعَدُوُّ ضربان:

  أحدهما: بقصد من المُعَادِي نحو: {فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ}⁣[النساء: ٩٢]، {جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ}⁣[الفرقان: ٣١]، وفي أخرى: {عَدُوًّا شَياطِينَ الإِنْسِ والْجِنِّ}⁣[الأنعام: ١١٢].

  والثاني: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذّى بها كما يتأذّى ممّا يكون من العِدَى، نحو قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ}⁣[الشعراء: ٧٧]، وقوله في الأولاد: {عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}⁣[التغابن: ١٤]، ومن العَدْوِ يقال:


(١) وهو مثل يضرب لكل شيء قد يئس منه. والعدل هو العدل بن جزء، كان ولي شرط تبّع، فكان تبّع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فقيل: وضع على يدي عدل. ثم قيل ذلك لكل شيء يئس منه. انظر: المجمل ٣/ ٦٥٢، ومجمع الأمثال ٢/ ٨.

(٢) عن جابر قال: قال رسول اللَّه : «السائبة جبار، والجبّ جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٥٤، وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط، وأبو يعلى، والدارقطني ٣/ ١٧٨. وانظر: مجمع الزوائد ٦/ ٣٠٦.

(٣) العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. انظر: المجمل ٣/ ٦٥٣.