مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

خطأ

صفحة 287 - الجزء 1

  والخَطِيف⁣(⁣١): سرعة انجذاب السّير، وأَخْطَفُ الحشا⁣(⁣٢)، ومُخْطَفُه كأنه اخْتُطِفَ حشاه لضموره.

خطأ

  الخَطَأ: العدول عن الجهة، وذلك أضرب:

  أحدها: أن تريد غير ما تحسن إرادته فتفعله، وهذا هو الخطأ التامّ المأخوذ به الإنسان، يقال:

  خَطِئَ يَخْطَأُ، خِطْأً، وخِطْأَةً، قال تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً}⁣[الإسراء: ٣١]، وقال: {وإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ}⁣[يوسف: ٩١].

  والثاني: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال: أَخْطَأَ إِخْطَاءً فهو مُخْطِئٌ، وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، وهذا المعنيّ بقوله #: «رفع عن أمّتي الخَطَأ والنسيان»⁣(⁣٣) وبقوله: «من اجتهد فأخطأ فله أجر»⁣(⁣٤)، وقوله ø: {ومَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]. والثّالث: أن يريد ما لا يحسن فعله ويتّفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الإرادة ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو الذي أراده في قوله:

  ١٤١ - أردت مساءتي فاجتررت مسرّتي ... وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدري⁣(⁣٥)

  وجملة الأمر أنّ من أراد شيئا فاتّفق منه غيره يقال: أخطأ، وإن وقع منه كما أراده يقال:

  أصاب، وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن، أو أراد إرادة لا تجمل: إنه أخطأ، ولهذا يقال⁣(⁣٦):

  أصاب الخطأ، وأخطأ الصّواب، وأصاب الصّواب، وأخطأ الخطأ، وهذه اللَّفظة مشتركة كما ترى، متردّدة بين معان يجب لمن يتحرّى الحقائق أن يتأمّلها. وقوله تعالى: {وأَحاطَتْ بِه خَطِيئَتُه}⁣[البقرة: ٨١]. والخَطِيئَةُ والسّيّئة يتقاربان، لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه في نفسه، بل يكون القصد سببا


(١) انظر: اللسان (خطف)، والبصائر ٢/ ٥٥١، والمجمل ٢/ ٢٩٤.

(٢) في المجمل: ومخطف الحشا: إذا كان منطوي الحشا.

(٣) الحديث عن ابن عباس أنّ النبيّ قال: «رفع اللَّه عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» أخرجه أبو القاسم التميمي المعروف بأخي عاصم في فوائده، ورجاله ثقات غير أنّ فيه انقطاعا. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١١/ ١٣٣، والدارقطني ٤/ ١٧١، وابن ماجة ١/ ٦٥٩، والحاكم ٢/ ١٩٨، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وضعّفه الإمام أحمد، فقال عبد اللَّه بن أحمد في العلل: سألت أبي عنه فأنكره جدا. وانظر: كشف الخفاء ٢/ ١٣٥، والمقاصد الحسنة ص ٢٢٨، وتخريج أحاديث اللمع للغماري ص ١٤٩.

(٤) الحديث عن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللَّه : «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر». أخرجه البخاري ٩/ ١٩٣ في كتاب الاعتصام بالسنة، ومسلم ١٥/ ١٧١٦ كتاب الأقضية، وأبو داود، معالم السنن ٤/ ١٦٠، وانظر الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج للغماري ص ٢٦٩.

(٥) البيت في البصائر ٢/ ٥٥٢ دون نسبة، وفي تفصيل النشأتين ص ١٠٩.

(٦) انظر تفسير الراغب ورقة ٥٦.