مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عز

صفحة 563 - الجزء 1

  بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ}⁣[هود: ٥٤]. والعُرْوَةُ: ما يتعلَّق به من عُرَاه. أي: ناحيته. قال تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى}⁣[البقرة: ٢٥٦]، وذلك على سبيل التّمثيل.

  والعُرْوَةُ أيضا: شجرةٌ يتعلَّق بها الإبل، ويقال لها: عُرْوَةٌ وعَلْقَةٌ. والعَرِيُّ والعَرِيَّةُ: ما يَعْرُو من الرّيح الباردة، والنّخلةُ العَرِيَّةُ: ما يُعْرَى عن البيع ويعزل، وقيل: هي التي يُعْرِيهَا صاحبها محتاجا، فجعل ثمرتها له ورخّص أن يبتاع بتمر⁣(⁣١) لموضع الحاجة، وقيل: هي النّخلة للرّجل وسط نخيل كثيرة لغيره، فيتأذّى به صاحب الكثير⁣(⁣٢)، فرخّص له أن يبتاع ثمرته بتمر، والجميع العَرَايَا. «ورخّص رسول اللَّه في بيع العَرَايَا»⁣(⁣٣).

عز

  العِزَّةُ: حالةٌ مانعة للإنسان من أن يغلب. من قولهم: أرضٌ عَزَازٌ. أي: صُلْبةٌ. قال تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّه جَمِيعاً}⁣[النساء: ١٣٩]. وتَعَزَّزَ اللَّحمُ: اشتدّ وعَزَّ، كأنه حصل في عَزَازٍ يصعب الوصول إليه، كقولهم: تظلَّف أي: حصل في ظلف من الأرض⁣(⁣٤)، والعَزيزُ: الذي يقهر ولا يقهر. قال تعالى: {إِنَّه هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}⁣[العنكبوت: ٢٦]، {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا}⁣[يوسف: ٨٨]، قال: {ولِلَّه الْعِزَّةُ ولِرَسُولِه ولِلْمُؤْمِنِينَ}⁣[المنافقون: ٨]، {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ}⁣[الصافات: ١٨٠]، فقد يمدح بالعِزَّةِ تارة كما ترى، ويذمّ بها تارة كَعِزَّةِ الكفّارِ. قال: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وشِقاقٍ}⁣[ص: ٢]. ووجه ذلك أن العِزَّةَ التي للَّه ولرسوله وللمؤمنين هي الدائمة الباقية التي هي العِزَّةُ الحقيقيّة، والعِزَّةُ التي هي للكافرين هي التَّعَزُّزُ، وهو في الحقيقة ذلّ كما قال عليه الصلاة والسلام: «كلّ عِزٍّ ليس باللَّه فهو ذُلٌّ»⁣(⁣٥) وعلى هذا قوله: {واتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}⁣[مريم: ٨١]، أي:

  ليتمنّعوا به من العذاب، وقوله: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّه الْعِزَّةُ جَمِيعاً}⁣[فاطر: ١٠]، معناه:

  من كان يريد أن يَعِزَّ يحتاج أن يكتسب منه تعالى العِزَّةَ فإنها له، وقد تستعار العِزَّةُ للحميّة والأنفة المذمومة، وذلك في قوله: {أَخَذَتْه الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ}⁣[البقرة: ٢٠٦]،


(١) راجع شرح الموطأ للزرقاني ٣/ ٢٦٢، وفتح الباري ٤/ ٣٩٠.

(٢) وهو قول الإمام مالك.

(٣) الحديث عن أبي هريرة أنّ رسول اللَّه أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق.

أخرجه مالك في الموطأ ٣/ ٢٦٣. وعند البخاري عن زيد بن ثابت أن رسول اللَّه : رخّص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا. انظر: فتح الباري ٤/ ٣٩٠.

(٤) الظَّلف والظَّلف من الأرض: الغليظ الذي لا يؤدي أثرا. انظر: اللسان (ظلف).

(٥) جاء بمعناه عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول اللَّه يقول: من اعتزّ بالعبد أذلَّه اللَّه.

أخرجه أحمد في الزهد ص ٤٦٦، بسند ضعيف.