مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بظر

صفحة 132 - الجزء 1

  وتَبَاطَأَ واستبطأ وأَبْطَأَ، فَبَطُؤَ إذا تخصص بالبطء، وتَبَاطَأَ تحرّى وتكلَّف ذلك، واستبطأ: طلبه، وأَبْطَأَ⁣(⁣١): صار ذا بطء ويقال: بَطَّأَه وأَبْطَأَه، وقوله تعالى: {وإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}⁣[النساء: ٧٢] أي: يثبّط غيره.

  وقيل: يكثر هو التثبط في نفسه، والمقصد من ذلك أنّ منكم من يتأخر ويؤخّر غيره.

بظر

  قرئ في بعض القراءات: (واللَّه أخرجكم من بُظُور أمّهاتكم)⁣(⁣٢)، وذلك جمع البَظَارَة، وهي اللحمة المتدلية من ضرع الشاة، والهنة الناتئة من الشفة العليا، فعبّر بها عن الهن كما عبّر عنه بالبضع.

بعث

  أصل البَعْث: إثارة الشيء وتوجيهه، يقال:

  بَعَثْتُه فَانْبَعَثَ، ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علَّق به، فَبَعَثْتُ البعير: أثرته وسيّرته، وقوله ø: {والْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ الله}⁣[الأنعام: ٣٦]، أي: يخرجهم ويسيرهم إلى القيامة، {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً}⁣[المجادلة: ٦]، {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ورَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}⁣[التغابن: ٧]، {ما خَلْقُكُمْ ولا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ}⁣[لقمان: ٢٨]، فالبعث ضربان:

  - بشريّ، كبعث البعير، وبعث الإنسان في حاجة.

  - وإلهي، وذلك ضربان:

  - أحدهما: إيجاد الأعيان والأجناس والأنواع لا عن ليس⁣(⁣٣)، وذلك يختص به الباري تعالى، ولم يقدر عليه أحد.

  والثاني: إحياء الموتى، وقد خص بذلك بعض أوليائه، كعيسى وأمثاله، ومنه قوله ø: {فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ}⁣[الروم: ٥٦]، يعني: يوم الحشر، وقوله ø: {فَبَعَثَ الله غُراباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ}⁣[المائدة: ٣١]، أي:

  قيّضه، {ولَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}⁣[النحل: ٣٦]، نحو: {أَرْسَلْنا رُسُلَنا}⁣[المؤمنون: ٤٤]، وقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً}⁣[الكهف: ١٢]، وذلك إثارة بلا توجيه إلى مكان، {ويَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً}⁣[النحل: ٨٤]، {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ}⁣[الأنعام: ٦٥]، وقال


(١) وهذا بمعنى الصيرورة، حيث إنّ صيغة أفعل تأتي للتصيير والصيرورة، والأول من الفعل المتعدي والثاني من اللازم وفي هذا قال شيخنا:

أفعل للتصيير جا كأكفلا ... صيرورة كذاك مثل أبقلا

فأوّل مثال ذي التعدي ... والثاني للَّزوم وفقا يبدي

(٢) سورة النحل: آية ٧٨، وهي قراءة شاذة.

(٣) الليس: اللزوم.