مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فيل

صفحة 649 - الجزء 1

  {فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}⁣[النساء: ١١].

  الرابع: في الكبر والصّغر {مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها}⁣[البقرة: ٢٦]. قيل: أشار بقوله {فَما فَوْقَها} إلى العنكبوت المذكور في الآية، وقيل: معناه ما فوقها في الصّغر، ومن قال: أراد ما دونها فإنما قصد هذا المعنى، وتصوّر بعض أهل اللَّغة أنه يعني أنّ فَوْقَ يستعمل بمعنى دون فأخرج ذلك في جملة ما صنّفه من الأضداد⁣(⁣١)، وهذا توهّم منه.

  الخامس: باعتبار الفضيلة الدّنيويّة. نحو: {ورَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ}⁣[الزخرف: ٣٢]، أو الأخرويّة: {والَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[البقرة: ٢١٢]، {فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[آل عمران: ٥٥].

  السادس: باعتبار القهر والغلبة. نحو قوله: {وهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه}⁣[الأنعام: ١٨]، وقوله عن فرعون: {وإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ}⁣[الأعراف: ١٢٧]، ومن فوق، قيل: فَاقَ فلان غيره يَفُوقُ: إذا علاه، وذلك من (فَوْقِ) المستعمل في الفضيلة، ومن فَوْقُ يشتقّ فُوقُ السّهم، وسهم أَفْوَقُ: انكسر فُوقُه، والإِفَاقَةُ:

  رجوع الفهم إلى الإنسان بعد السّكر، أو الجنون، والقوّة بعد المرض، والإِفَاقَةُ في الحلب: رجوع الدّرّ، وكلّ درّة بعد الرّجوع يقال لها: فِيقَةٌ، والْفُوَاقُ: ما بين الحلبتين. وقوله: {ما لَها مِنْ فَواقٍ}⁣[ص: ١٥]، أي: من راحة ترجع إليها، وقيل: ما لها من رجوع إلى الدّنيا.

  قال أبو عبيدة⁣(⁣٢): (من قرأ: {مِنْ فَواقٍ}⁣(⁣٣) بالضمّ فهو من فُوَاقِ الناقة. أي: ما بين الحلبتين، وقيل: هما واحد نحو: جمام وجمام)⁣(⁣٤). وقيل: اسْتَفِقْ ناقتَكَ، أي: اتركها حتى يَفُوقَ لبنها، وفَوِّقْ فصيلَكَ، أي: اسقه ساعة بعد ساعة، وظلّ يَتَفَوَّقُ المخض، قال الشاعر:

  ٣٥٩ - حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت⁣(⁣٥)

فيل

  الفِيلُ معروف. جمعه فِيلَةٌ وفُيُولٌ. قال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ}⁣[الفيل: ١]، ورجل فَيْلُ الرأي، وفَالُ الرأيِ،


(١) يريد بذلك ابن الأنباري، فقد ذكر أنّ فوق من الأضداد. انظر: كتاب الأضداد ص ٢٥٠.

(٢) انظر: مجاز القرآن ٢/ ١٧٩.

(٣) قرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الفاء، وهي لغة تميم وأسد وقيس. انظر: الإتحاف ٣٧٢.

(٤) يقال: جمام المكّوك دقيقا بالكسر والضم. انظر: اللسان (جمّ).

(٥) هذا شطر بيت للأعشى، وعجزه:

جاءت لترضع شقّ النفس لو رضعا

وهو من قصيدة يمدح بها هوذة بن علي الحنفي، ومطلعها:

بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا ... واحتلَّت الغمر فالجدّين فالفرعا

وهو في ديوانه ص ١٠٧، واللسان (فوق).