مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عور

صفحة 595 - الجزء 1

  عَاذَ فلان بفلان، ومنه قوله تعالى: {أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ}⁣[البقرة: ٦٧]، {وإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي ورَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ}⁣[الدخان: ٢٠]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ}⁣[الفلق: ١]، {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ}⁣[مريم: ١٨]. وأَعَذْتُه باللَّه أُعِيذُه.

  قال: {إِنِّي أُعِيذُها بِكَ}⁣[آل عمران: ٣٦]، وقوله: {مَعاذَ الله}⁣[يوسف: ٧٩]، أي:

  نلتجئ إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك، فإنّ ذلك سوء نتحاشى من تعاطيه. والْعُوذَةُ: ما يُعَاذُ به من الشيء، ومنه قيل للتّميمة والرّقية: عُوذَةٌ، وعَوَّذَه: إذا وقاه، وكلّ أنثى وضعت فهي عَائِذٌ إلى سبعة أيام.

عور

  العَوْرَةُ سوأة الإنسان، وذلك كناية، وأصلها من العَارِ وذلك لما يلحق في ظهوره من العار أي: المذمّة، ولذلك سمّي النساء عَوْرَةً، ومن ذلك: العَوْرَاءُ للكلمة القبيحة، وعَوِرَتْ عينه عَوَراً⁣(⁣١)، وعَارَتْ عينه عَوَراً⁣(⁣٢)، وعَوَّرَتْهَا، وعنه اسْتُعِيرَ: عَوَّرْتُ البئر، وقيل للغراب: الأَعْوَرُ، لحدّة نظره، وذلك على عكس المعنى ولذلك قال الشاعر:

  ٣٣٥ - وصحاح العيون يدعون عُوراً⁣(⁣٣)

  والعَوارُ والعَوْرَةُ: شقّ في الشيء كالثّوب والبيت ونحوه. قال تعالى: {إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وما هِيَ بِعَوْرَةٍ}⁣[الأحزاب: ١٣]، أي: متخرّقة ممكنة لمن أرادها، ومنه قيل: فلان يحفظ عَوْرَتَه، أي: خلله، وقوله: {ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ}⁣[النور: ٥٨]، أي: نصف النهار وآخر الليل، وبعد العشاء الآخرة، وقوله: {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ}⁣[النور: ٣١]، أي: لم يبلغوا الحلم. وسهم عَائِرٌ: لا يدرى من أين جاء، ولفلان عَائِرَةُ عين من المال⁣(⁣٤). أي:

  ما يعور العين ويحيّرها لكثرته، والْمُعَاوَرَةُ قيل في معنى الاستعارة. والعَارِيَّةُ فعليّة من ذلك، ولهذا يقال: تَعَاوَرَه العواري⁣(⁣٥)، وقال بعضهم⁣(⁣٦): هو من العَارِ، لأنّ دفعها يورث المذمّة والعَارَ، كما قيل في المثل: (إنه قيل لِلْعَارِيَّةِ أين تذهبين؟

  فقالت: أجلب إلى أهلي مذمّة وعَاراً)⁣(⁣٧)، وقيل:

  هذا لا يصحّ من حيث الاشتقاق، فإنّ العَارِيَّةَ من الواو بدلالة: تَعَاوَرْنَا، والعار من الياء لقولهم:


(١) قال السرقسطي: عورت العين عورا، وأعورت: ذهب بصرها. انظر: الأفعال ١/ ٢٠١.

(٢) قال السرقسطي: عار عين الرجل عورا، وأعورها: فقأها. قال: وزاد أبو حاتم: وأعرتها وعوّرتها. انظر: الأفعال ١/ ٢٠٣.

(٣) الشطر في اللسان (عور) دون نسبة، وتهذيب اللغة ٣/ ١٧١، وعمدة الحفاظ: عور.

(٤) انظر: المجمل ٣/ ٦٣٦، وأساس البلاغة ص ٣١٦.

(٥) انظر: اللسان (عور).

(٦) هو الخليل في العين ٢/ ٢٣٩ قال ابن منظور: وهو قويل ضعيف.

(٧) انظر: البصائر ٤/ ١١٢، وأمثال أبي عبيد ص ٢٩٧، ومجمع الأمثال ٢/ ١٨٩.