مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بعثر

صفحة 133 - الجزء 1

  ø: {فَأَماتَه الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه}⁣[البقرة: ٢٥٩]، وعلى هذا قوله ø: {وهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيه}⁣[الأنعام: ٦٠]، والنوم من جنس الموت فجعل التوفي فيهما، والبعث منهما سواء، وقوله ø: {ولكِنْ كَرِه الله انْبِعاثَهُمْ}⁣[التوبة: ٤٦]، أي: توجههم ومضيّهم.

بعثر

  قال اللَّه تعالى: {وإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}⁣[الانفطار: ٤]، أي: قلب ترابها وأثير ما فيها، ومن رأى تركيب الرباعي والخماسيّ من ثلاثيين نحو: تهلل وبسمل⁣(⁣١): إذا قال: لا إله إلا اللَّه وبسم اللَّه يقول: إنّ بعثر مركَّب من: بعث وأثير، وهذا لا يبعد في هذا الحرف، فإنّ البعثرة تتضمن معنى بعث وأثير.

بعد

  البُعْد: ضد القرب، وليس لهما حدّ محدود، وإنما ذلك بحسب اعتبار المكان بغيره، يقال ذلك في المحسوس، وهو الأكثر، وفي المعقول نحو قوله تعالى: {ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً}⁣[النساء: ١٦٧]، وقوله ø: {أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ}⁣[فصلت: ٤٤]، يقال: بعد: إذا تباعد، وهو بعيد، {وما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}⁣[هود: ٨٣]، وبَعِدَ: مات، والبعد أكثر ما يقال في الهلاك، نحو: {بَعِدَتْ ثَمُودُ}⁣[هود: ٩٥]، وقد قال النابغة:

  ٥٩ - في الأدنى وفي البعد⁣(⁣٢)

  والبَعَدُ والبُعْدُ يقال فيه وفي ضد القرب، قال تعالى: {فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}⁣[المؤمنون: ٤١]، {فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}⁣[المؤمنون: ٤٤]، وقوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذابِ والضَّلالِ الْبَعِيدِ}⁣[سبأ: ٨]، أي: الضلال الذي يصعب الرجوع منه إلى الهدى تشبيها بمن ضلّ عن محجّة الطريق بعدا متناهيا، فلا يكاد يرجى له العود إليها، وقوله ø: {وما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}⁣[هود: ٨٩]، أي: تقاربونهم في الضلال، فلا يبعد أن يأتيكم ما أتاهم من العذاب.

  (بَعْد): يقال في مقابلة قبل، ونستوفي أنواعه في باب (قبل) إن شاء اللَّه تعالى.

بعر

  قال تعالى: {ولِمَنْ جاءَ بِه حِمْلُ بَعِيرٍ}⁣[يوسف: ٧٢]، البَعِير معروف، ويقع على الذكر


(١) وهذا يسمّى النحت، وانظر ص ٨٤٣.

(٢) تمام البيت:

فتلك تبلغني النعمان إنّ له ... فضلا على الناس في الأدنى وفي البعد

وهو للنابغة الذبياني من معلقته، انظر ديوانه ص ٣٣، وشرح المعلقات للنحاس ٢/ ١٦٦.