مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بين

صفحة 156 - الجزء 1

  أي: فما حالهم وخبرهم.

  ويعبّر بالبال عن الحال الذي ينطوي عليه الإنسان، فيقال: خطر كذا ببالي.

بين

  بَيْن موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما. قال تعالى: {وجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً}⁣(⁣١) [الكهف: ٣٢]، يقال: بَانَ كذا أي: انفصل وظهر ما كان مستترا منه، ولمّا اعتبر فيه معنى الانفصال والظهور استعمل في كلّ واحد منفردا، فقيل للبئر البعيدة القعر: بَيُون، لبعد ما بين الشفير والقعر لانفصال حبلها من يد صاحبها. وبان الصبح:

  ظهر، وقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}⁣(⁣٢) [الأنعام: ١٩٤]، أي: وصلكم. وتحقيقه: أنه ضاع عنكم الأموال والعشيرة والأعمال التي كنتم تعتمدونها، إشارة إلى قوله سبحانه: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ}⁣[الشعراء: ٨٨]، وعلى ذلك قوله: {لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى الآية}⁣[الأنعام: ٩٤].

  و «بَيْن» يستعمل تارة اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ: {بينكم}⁣[الأنعام: ٩٤]، جعله اسما، ومن قرأ: {بَيْنَكُمْ} جعله ظرفا غير متمكن وتركه مفتوحا، فمن الظرف قوله: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله ورَسُولِه}⁣[الحجرات: ١]، وقوله: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً}⁣[المجادلة: ١٢]، {فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ}⁣[ص: ٢٢]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما}⁣[الكهف: ٦١]، فيجوز أن يكون مصدرا، أي:

  موضع المفترق. {وإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ}⁣[النساء: ٩٢]. ولا يستعمل «بين» إلا فيما كان له مسافة، نحو: بين البلدين، أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو: الرجلين، وبين القوم، ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرّر، نحو: {ومِنْ بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ}⁣[فصلت: ٥]، {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ مَوْعِداً}⁣[طه: ٥٨]، ويقال: هذا الشيء بين يديك، أي: متقدما لك، ويقال: هو بين يديك أي:

  قريب منك، وعلى هذا قوله: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}⁣[الأعراف: ١٧]، و {لَه ما بَيْنَ أَيْدِينا وما خَلْفَنا}⁣[مريم: ٦٤]، {وجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا}⁣[يس: ٩]، {مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ}⁣[المائدة: ٤٦]، {أَأُنْزِلَ عَلَيْه الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا}⁣[ص: ٨]، أي: من جملتنا، وقوله: {وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ ولا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْه}⁣[سبأ: ٣١]، أي: متقدّما له من الإنجيل ونحوه، وقوله: {فَاتَّقُوا الله وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ}⁣[الأنفال: ١]،


(١) ونقل هذا السيوطي عنه في الإتقان ٢/ ٢٠٩.

(٢) وهذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة ويعقوب وخلف وشعبة عن عاصم وابن عامر الشامي برفع (بينكم)، وقرأ نافع وحفص والكسائي وأبو جعفر (بينكم) بنصب النون.