مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رص

صفحة 355 - الجزء 1

  الأخرويّة لا غير. والرَّاشِدُ والرَّشِيدُ يقال فيهما جميعا، قال تعالى: {أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}⁣[الحجرات: ٧]، {وما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}⁣[هود: ٩٧].

رص

  قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ}⁣[الصف: ٤]، أي: محكم كأنما بني بالرَّصَاصِ، ويقال: رَصَصْتُه ورَصَّصْتُه، وتَرَاصُّوا في الصلاة. أي: تضايقوا فيها. وتَرْصِيصُ المرأة: أن تشدّد التّنقّب، وذلك أبلغ من التَّرَصُّصُ.

رصد

  الرَّصَدُ: الاستعداد للتّرقّب، يقال: رَصَدَ له، وتَرَصَّدَ، وأَرْصَدْتُه له. قال ø: {وإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ الله ورَسُولَه مِنْ قَبْلُ}⁣[التوبة: ١٠٧]، وقوله ø: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ}⁣[الفجر: ١٤]، تنبيها أنه لا ملجأ ولا مهرب.

  والرَّصَدُ يقال لِلرَّاصِدِ الواحد، وللجماعة الرَّاصِدِينَ، ولِلْمَرْصُودِ، واحدا كان أو جمعا.

  وقوله تعالى: {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه ومِنْ خَلْفِه رَصَداً}⁣[الجن: ٢٧]، يحتمل كلّ ذلك. والمَرْصَدُ: موضع الرّصد، قال تعالى: {واقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}⁣[التوبة: ٥]، والْمِرْصَادُ نحوه، لكن يقال للمكان الذي اختصّ بِالتَّرَصُّدِ، قال تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً}⁣[النبأ: ٢١]، تنبيها أنّ عليها مجاز الناس، وعلى هذا قوله تعالى: {وإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها}⁣[مريم: ٧١].

رضع

  يقال: رَضَعَ المولود يَرْضِعُ⁣(⁣١)، ورَضِعَ يَرْضَعُ رَضَاعاً ورَضَاعَةً، وعنه استعير: لئيم رَاضِعٌ: لمن تناهى لؤمه، وإن كان في الأصل لمن يرضع غنمه ليلا، لئلَّا يسمع صوت شخبه⁣(⁣٢)، فلمّا تعورف في ذلك قيل: رَضُعَ فلان، نحو: لؤم، وسمّي الثّنيّتان من الأسنان الرَّاضِعَتَيْنِ، لاستعانة الصّبيّ بهما في الرّضع، قال تعالى: {والْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ}⁣[البقرة: ٢٣٣]، {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، ويقال: فلان أخو فلان من الرّضاعة، وقال : «يحرم من الرَّضَاعِ ما يحرم من النّسب»⁣(⁣٣)، وقال تعالى: {وإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ


(١) انظر: الأفعال ٣/ ٩١.

(٢) الشّخب: صوت اللبن عند الحلب.

(٣) الحديث أخرجه ابن ماجة ١/ ٦٢٣ عن عائشة، وأخرجه مالك في الموطأ عنها أيضا أن رسول اللَّه قال: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة. انظر: تنوير الحوالك ٢/ ١١٧، وشرح الزرقاني ٣/ ٢٤٧.

وأخرجه الترمذي ولفظه: «إنّ اللَّه حرّم من الرّضاعة ما حرّم من الولادة».

وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا. انظر: عارضة الأحوذي ٥/ ٨٨.