هجر
  {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَه}[المزمل: ٢ - ٣] والمتهجّد: المصلَّي ليلا، وأهجد البعير: ألقى جرانه على الأرض متحرّيا للهجود.
هجر
  الهَجْرُ والهِجْرَان: مفارقة الإنسان غيره، إمّا بالبدن، أو باللَّسان، أو بالقلب. قال تعالى: {واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ}[النساء: ٣٤] كناية عن عدم قربهنّ، وقوله تعالى: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}[الفرقان: ٣٠] فهذا هَجْر بالقلب، أو بالقلب واللَّسان. وقوله: {واهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا}[المزمل: ١٠] يحتمل الثلاثة، ومدعوّ إلى أن يتحرّى أيّ الثلاثة إن أمكنه مع تحرّي المجاملة، وكذا قوله تعالى: {واهْجُرْنِي مَلِيًّا}[مريم: ٤٦]، وقوله تعالى: {والرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر: ٥]، فحثّ على المفارقة بالوجوه كلَّها. والمُهاجرَةُ في الأصل:
  مصارمة الغير ومتاركته، من قوله ø: {والَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا}[الأنفال: ٧٤]، وقوله: {لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وأَمْوالِهِمْ}[الحشر: ٨]، وقوله: {ومَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِه مُهاجِراً إِلَى الله}[النساء: ١٠٠]، {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ الله}[النساء: ٨٩] فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان كمن هاجر من مكَّة إلى المدينة، وقيل: مقتضى ذلك هجران الشّهوات والأخلاق الذّميمة والخطايا وتركها ورفضها، وقوله: {إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي}[العنكبوت: ٢٦] أي: تارك لقومي وذاهب إليه. وقوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها}[النساء: ٩٧]، وكذا المجاهدة تقتضي مع العدى مجاهدة النّفس كما روي في الخبر: «رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»(١)، وهو مجاهدة النّفس. وروي:
  (هاجروا ولا تهجّروا)(٢) أي: كونوا من المهاجرين، ولا تتشبّهوا بهم في القول دون الفعل، والهُجْرُ: الكلام القبيح المهجور لقبحه.
  وفي الحديث: «ولا تقولوا هُجْراً»(٣) وأَهْجَرَ فلان: إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد،
(١) عن جابر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» قال العراقي: رواه البيهقي في الزهد، وفيه ضعف. انظر: تخريج أحاديث الإحياء ٤/ ١٥٣٧ والزهد للبيهقي ص ١٦٥.
(٢) هذا من حديث عمر فإنه قال: (هاجروا ولا تهجّروا، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا، ولكن ليذك لكم الأسل الرماح والنبل). انظر: غريب الحديث ٣/ ٣١٠، والنهاية ٥/ ٢٤٥.
(٣) شطر الحديث: عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «نهيتكم عن لحوم الأضحى بعد ثلاث، فكلوا وتصدّقوا وادّخروا، ونهيتكم عن الانتباذ، فانتبذوا، وكلّ مسكر حرام، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجرا» أخرجه مالك في الموطأ، باب ادخار لحوم الأضاحي. انظر: شرح الزرقاني ٣/ ٧٦. وأخرجه الطبراني في الأوسط ٣/ ٣٤٣.