مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

روى

صفحة 375 - الجزء 1

  غلبة الظَّنّ، وعلى هذا قوله: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ}⁣[آل عمران: ١٣]، أي: يظنّونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم، تقول: فعل ذلك رأي عيني، وقيل: رَاءَةَ عيني. والرَّوِيَّةُ والتَّرْوِيَةُ: التّفكَّر في الشيء، والإمالة بين خواطر النّفس في تحصيل الرّأي، والْمُرْتَئِي والْمُرَوِّي: المتفكَّر، وإذا عدّي رأيت بإلى اقتضى معنى النّظر المؤدّي إلى الاعتبار، نحو: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ}⁣[الفرقان: ٤٥]، وقوله: {بِما أَراكَ الله}⁣[النساء: ١٠٥]، أي: بما علَّمك. والرَّايَةُ: العلامة المنصوبة للرّؤية. ومع فلان رَئِيٌّ من الجنّ، وأَرْأَتِ الناقة فهي مُرْءٍ: إذا أظهرت الحمل حتى يرى صدق حملها.

  والرُّؤْيَا: ما يرى في المنام، وهو فعلى، وقد يخفّف فيه الهمزة فيقال بالواو، وروي: «لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلَّا الرّؤيا»⁣(⁣١). قال: {لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَه الرُّؤْيا بِالْحَقِّ}⁣[الفتح: ٢٧]، {وما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ}⁣[الإسراء: ٦٠]، وقوله: {فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ}⁣[الشعراء: ٦١]، أي: تقاربا وتقابلا حتى صار كلّ واحد منهما بحيث يتمكَّن من رؤية الآخر، ويتمكَّن الآخر من رؤيته. ومنه قوله: «لا تَتَرَاءَى نارهما»⁣(⁣٢). ومنازلهم رِئَاءٌ، أي: متقابلة. وفعل ذلك رِئَاءُ الناس، أي: مُرَاءَاةً وتشيّعا. والْمِرْآةُ ما يرى فيه صورة الأشياء، وهي مفعلة من: رأيت، نحو: المصحف من صحفت، وجمعها مَرَائِي، والرِّئَةُ: العضو المنتشر عن القلب، وجمعه من لفظه رِؤُونَ، وأنشد (أبو زيد):

  ٢٠٨ - فغظناهمو حتى أتى الغيظ منهمو ... قلوبا وأكبادا لهم ورئينا⁣(⁣٣)

  ورِئْتُه: إذا ضربت رِئَتَه.

روى

  تقول: ماء رَوَاءٌ، ورِوًى، أي: كثير مُرْوٍ، فَرِوًى على بناء عدى: و {مَكاناً سُوىً}⁣[طه: ٥٨]، قال الشاعر:


(١) الحديث تقدّم في مادة (بشر).

(٢) الحديث عن قيس بن أبي حازم أنّ رسول اللَّه بعث سرية إلى قوم من خثعم، فاستعصموا بالسجود فقتلوا، فقضى رسول اللَّه بنصف العقل، وقال: «إني بريء من كل مسلم مع مشرك»، ثم قال رسول اللَّه : «ألا لا تراءى نارهما». أخرجه النسائي ٨/ ٣٦. وأخرجه أبو داود في الجهاد برقم (٢٦٤٥) ولفظه: «أنا بريء من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى ناراهما» والترمذي في أبواب السير. انظر: عارضة الأحوذي ٨/ ١٠٤، والحديث صحيح لكن اختلف في وصله وإرساله. وانظر: شرح السنة ١٠/ ٣٧٣.

(٣) البيت في اللسان (رأى)، دون نسبة، وهو في نوادر أبي زيد ص ١٩٥. والبيت للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٦٣، والمسائل الحلبيات للفارسي ص ٦١، والتكملة له ص ٤٢٨.