منن
  {واهْجُرْنِي مَلِيًّا}[مريم: ٤٦] وتملَّيت دهراً:
  أبقيت، وتملَّيت الثَّوبَ: تمتّعت به طويلا، وتملَّى بكذا: تمتّع به بملاوة من الدّهر، ومَلَاكَ اللَّه غير مهموز: عمّرك، ويقال: عشت مليّا.
  أي: طويلا، والملا مقصور: المفازة الممتدّة(١)، والمَلَوَانِ قيل: الليل والنهار، وحقيقة ذلك تكرّرهما وامتدادهما، بدلالة أنهما أضيفا إليهما في قول الشاعر:
  ٤٢٨ - نهار وليل دائم ملواهما ... على كلّ حال المرء يختلفان(٢)
  فلو كانا الليل والنهار لما أضيفا إليهما. قال تعالى: {وأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[الأعراف: ١٨٣] أي: أمهلهم، وقوله: {الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأَمْلى لَهُمْ}[محمد: ٢٥] أي: أمهل، ومن قرأ: أملي لهم(٣) فمن قولهم: أَمْلَيْتُ الكتابَ أُمْلِيه إملاءً. قال تعالى: {أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ}[آل عمران: ١٧٨]. وأصل أمليت: أمللت، فقلب تخفيفا قال تعالى: {فَهِيَ تُمْلى عَلَيْه بُكْرَةً وأَصِيلًا}[الفرقان: ٥]، وفي موضع آخر: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّه بِالْعَدْلِ}[البقرة: ٢٨٢].
منن
  المَنُّ: ما يوزن به، يقال: مَنٌّ، ومنّان، وأَمْنَانٌ، وربّما أبدل من إحدى النّونين ألف فقيل: مَناً وأَمْنَاءٌ، ويقال لما يقدّر: ممنون كما يقال: موزون، والمِنَّةُ: النّعمة الثّقيلة، ويقال ذلك على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: منَّ فلان على فلان: إذا أثقله بالنّعمة، وعلى ذلك قوله: {لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ١٦٤]، {كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ}[النساء: ٩٤]، {ولَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وهارُونَ}[الصافات: ١١٤]، {يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ}[إبراهيم: ١١]، {ونُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا}[القصص: ٥]، وذلك على الحقيقة لا يكون إلَّا للَّه تعالى. والثاني: أن يكون ذلك بالقول، وذلك مستقبح فيما بين الناس إلَّا عند كفران النّعمة، ولقبح ذلك قيل: المِنَّةُ تهدم الصّنيعة(٤)، ولحسن ذكرها عند الكفران قيل: إذا كفرت النّعمة حسنت المنّة. وقوله: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ
(١) انظر: المقصور والممدود للفراء ص ٤٨.
(٢) البيت في اللسان (ملا) دون نسبة. وهو لابن مقبل من قصيدة مطلعها:
ألا يا دار الحيّ بالسّبعان ... أملّ عليها بالبلى الملوان
وهو في ديوانه ص ٣٣٦، وجنى الجنتين ص ١٠٨.
(٣) وهي قراءة يعقوب، بضم الهمزة وكسر اللام، وسكون الياء، وقرأ أبو عمرو كذلك إلا أنّه فتح الياء. الإتحاف ص ٣٩٤.
(٤) انظر أمثال أبي عبيد ص ٦٦، ومجمع الأمثال ٢/ ٢٨٧، والمستقصى ١/ ٣٥٠.