مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

قدس

صفحة 660 - الجزء 1

  المعنى اشتقّ الأَقْدَرُ، أي: القصيرُ العنق. وفرس أَقْدَرُ: يضع حافر رجله موضع حافر يده، وقوله: {وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه}⁣[الأنعام: ٩١]، أي: ما عرفوا كنهه تنبيها أنه كيف يمكنهم أن يدركوا كنهه، وهذا وصفه، وهو قوله: {والأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[الزمر: ٦٧]، وقوله: {أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}⁣[سبأ: ١١]، أي: أحكمه، وقوله: {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}⁣[الزخرف: ٤٢]، ومِقْدَارُ الشيء: للشيء المقدّر له، وبه، وقتا كان أو زمانا أو غيرهما، قال: {فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُه خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}⁣[المعارج: ٤]، وقوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ الله}⁣[الحديد: ٢٩]، فالكلام فيه مختصّ بالتّأويل. والقِدْرُ: اسم لما يطبخ فيه اللَّحم، قال تعالى: {وقُدُورٍ راسِياتٍ}⁣[سبأ: ١٣]، وقَدَرْتُ اللَّحم: طبخته في الْقِدْرِ، والْقَدِيرُ: المطبوخ فيها، والْقُدَارُ: الذي ينحر ويُقْدَرُ، قال الشاعر:

  ٣٦٤ - ضرب القدار نقيعة القدّام⁣(⁣١)

قدس

  التَّقْدِيسُ: التّطهير الإلهيّ المذكور في قوله: {ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}⁣[الأحزاب: ٣٣]، دون التّطهير الذي هو إزالة النّجاسة المحسوسة، وقوله: {ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ}⁣[البقرة: ٣٠]، أي: نطهّر الأشياء ارتساما لك. وقيل: نُقَدِّسُكَ، أي: نَصِفُكَ بالتّقديس.

  وقوله: {قُلْ نَزَّلَه رُوحُ الْقُدُسِ}⁣[النحل: ١٠٢]، يعني به جبريل من حيث إنه ينزل بِالْقُدْسِ من اللَّه، أي: بما يطهّر به نفوسنا من القرآن والحكمة والفيض الإلهيّ، والبيتُ المُقَدَّسُ هو المطهّر من النّجاسة، أي: الشّرك، وكذلك الأرض الْمُقَدَّسَةُ. قال تعالى: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ}⁣[المائدة: ٢١]، وحظيرة القُدْسِ. قيل: الجنّة.

  وقيل: الشّريعة. وكلاهما صحيح، فالشّريعة حظيرة منها يستفاد القُدْسُ، أي: الطَّهارة.

قدم

  القَدَمُ: قَدَمُ الرّجل، وجمعه أَقْدَامٌ، قال تعالى: {ويُثَبِّتَ بِه الأَقْدامَ}⁣[الأنفال: ١١]، وبه اعتبر التّقدم والتّأخّر، والتَّقَدُّمُ على أربعة أوجه كما ذكرنا في (قبل)⁣(⁣٢)، ويقال: حديث وقَدِيمٌ، وذلك إمّا باعتبار الزّمانين، وإمّا بالشّرف. نحو: فلان مُتَقَدِّمٌ على فلان، أي:


(١) هذا عجز بيت، وشطره:

إنّا لنضرب بالسيوف رؤوسهم

وهو لمهلهل. والبيت في الجمهرة ٢/ ٢٥٣، والمجمل ٣/ ٧٤٥، واللسان (قدر)، وشرح الحماسة ٣/ ٣٦.

(٢) راجع: مادة (قبل).