مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بكر

صفحة 140 - الجزء 1

  بدلا من الميم. قال ø: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً}⁣[آل عمران: ٩٦]. وقيل: بطن مكة، وقيل: هي اسم المسجد، وقيل: هي البيت، وقيل: هي حيث الطواف⁣(⁣١) وسمّي بذلك من التَبَاكِّ، أي:

  الازدحام، لأنّ الناس يزدحمون فيه للطواف، وقيل: سميت مكَّة بَكَّة لأنها تبكّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.

بكر

  أصل الكلمة هي البُكْرَة التي هي أوّل النهار، فاشتق من لفظه لفظ الفعل، فقيل: بَكَرَ فلان بُكُورا: إذا خرج بُكْرَةً، والبَكُور: المبالغ في البكرة، وبَكَّر في حاجته وابْتَكَر وبَاكَرَ مُبَاكَرَةً.

  وتصوّر منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار، فقيل لكلّ متعجل في أمر: بِكْر، قال الشاعر:

  ٦٤ - بكرت تلومك بعد وهن في النّدى ... بسل عليك ملامتي وعتابي⁣(⁣٢)

  وسمّي أول الولد بكرا، وكذلك أبواه في ولادته [إيّاه تعظيما له، نحو: بيت اللَّه، وقيل:

  أشار إلى ثوابه وما أعدّ لصالحي عباده ممّا لا يلحقه الفناء، وهو المشار إليه بقوله تعالى: {وإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ}]⁣(⁣٣) [العنكبوت: ٦٤]، قال الشاعر:

  ٦٥ - يا بكر بكرين ويا خلب الكبد⁣(⁣٤)

  فبكر في قوله تعالى: {لا فارِضٌ ولا بِكْرٌ}⁣[البقرة: ٦٨]. هي التي لم تلد، وسمّيت التي لم تفتضّ بكرا اعتبارا بالثيّب، لتقدّمها عليها فيما يراد له النساء، وجمع البكر أبكار. قال تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً}⁣[الواقعة: ٣٥ - ٣٦]. والبَكَرَة: المحالة الصغيرة، لتصوّر السرعة فيها.

بكم

  قال ø: {صُمٌّ بُكْمٌ}⁣[البقرة: ١٨]، جمع أَبْكَم، وهو الذي يولد أخرس، فكلّ أبكم أخرس، وليس كل أخرس أبكم، قال تعالى: {وضَرَبَ الله مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ}⁣[النحل: ٧٦]، ويقال: بَكِمَ عن


(١) انظر: الدر المنثور ٢/ ٥٧.

(٢) البيت في اللسان (بكر) بلا نسبة. وهو لضمرة بن ضمرة النهشلي، وهو من نوادر أبي زيد ص ٢، والأفعال ٤/ ٦٧، والبرصان والعرجان للجاحظ ص ٥٩، وأمالي القالي ٢/ ٢٧٩.

(٣) ما بين [] ليس في نسخة المحمودية رقم ٢٠٩١، وهو ثابت في باقي النسخ، ولا أرى له تعلَّقا بما قبله سوى قوله تعظيما له نحو بيت اللَّه.

(٤) هذا شطر بيت، وعجزه:

أصبحت مني كذراع من عضد

وهو في اللسان (بكر)، وغريب الحديث للخطَّابي ٢/ ٣١٥، والصحاح: بكر، وديوان الأدب للفارابي ١/ ١٨٠، وأمالي القالي ١/ ٢٤ ولم ينسبه أحد منهم، والبيت للكميت في ديوانه ١/ ١٦٦، ومثلث البطليوسي ١/ ٣٦٢.

الخلب: حجاب القلب. ومنه قيل: إنّه لخلب النساء، أي: يحببنه.