بلى
  المؤمنين: من وسع عليه دنياه فلم يعلم أنه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله(١).
  وقال تعالى: {ونَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ والْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]، {ولِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْه بَلاءً حَسَناً}(٢) [الأنفال: ١٧]، وقوله ø: {وفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}[البقرة: ٤٩]، راجع إلى الأمرين، إلى المحنة التي في قوله ø: {يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ}[البقرة: ٤٩]، وإلى المنحة التي أنجاهم، وكذلك قوله تعالى: {وآتَيْناهُمْ مِنَ الآياتِ ما فِيه بَلؤُا مُبِينٌ}[الدخان: ٣٣]، راجع إلى الأمرين، كما وصف كتابه بقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وشِفاءٌ والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}[فصلت: ٤٤].
  وإذا قيل: ابْتَلَى فلان كذا وأَبْلَاه فذلك يتضمن أمرين: أحدهما تعرّف حاله والوقوف على ما يجهل من أمره، والثاني ظهور جودته ورداءته، وربما قصد به الأمران، وربما يقصد به أحدهما، فإذا قيل في اللَّه تعالى: بلا كذا وأبلاه فليس المراد منه إلا ظهور جودته ورداءته، دون التعرف لحاله، والوقوف على ما يجهل من أمره إذ كان اللَّه علَّام الغيوب، وعلى هذا قوله ø: {وإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّه بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}[البقرة: ١٢٤].
  ويقال: أَبْلَيْتُ فلانا يمينا: إذا عرضت عليه اليمين لتبلوه بها(٣).
  بَلَى: ردّ للنفي نحو قوله تعالى: {وقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ الله عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ الله عَهْدَه أَمْ تَقُولُونَ عَلَى الله ما لا تَعْلَمُونَ بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}[البقرة: ٨٠ - ٨١]، أو جواب لاستفهام مقترن بنفي نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى}[الأعراف: ١٧٢].
  و (نعم) يقال في الاستفهام المجرّد نحو: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ}[الأعراف: ٤٤]، ولا يقال هاهنا: بلى فإذا قيل:
  ما عندي شيء فقلت: بلى فهو ردّ لكلامه، وإذا قلت نعم فإقرار منك.
  قال تعالى: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ الله عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل: ٢٨]، {وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى ورَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}[سبأ: ٣]، {وقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ ويُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى}[الزمر: ٧١]، {قالُوا أَولَمْ تَكُ
(١) انظر ربيع الأبرار ١/ ٤٥.
(٢) وانظر: بصائر ذوي التمييز ٢/ ٢٧٤، فقد نقل الفيروزآبادي غالب هذا الباب.
(٣) انظر: اللسان (بلا) ١٤/ ٨٤.