مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ثوب

صفحة 180 - الجزء 1

  ٨٥ - ثياب بني عوف طهارى نقيّة⁣(⁣١)

  وذلك أمر بما ذكره اللَّه تعالى في قوله: {إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}⁣[الأحزاب: ٣٣]. والثَّوَاب:

  ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله، فيسمى الجزاء ثوابا تصوّرا أنه هو هو، ألا ترى كيف جعل اللَّه تعالى الجزاء نفس العمل في قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه}⁣[الزلزلة: ٧]، ولم يقل جزاءه، والثواب يقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف في الخير، وعلى هذا قوله ø: {ثَواباً مِنْ عِنْدِ الله والله عِنْدَه حُسْنُ الثَّوابِ}⁣[آل عمران: ١٩٥]، {فَآتاهُمُ الله ثَوابَ الدُّنْيا وحُسْنَ ثَوابِ الآخِرَةِ}⁣[آل عمران: ١٤٨]، وكذلك المَثُوبَة في قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ الله}⁣[المائدة: ٦٠]، فإنّ ذلك استعارة في الشر كاستعارة البشارة فيه. قال تعالى: {ولَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ الله}⁣[البقرة: ١٠٣]، والإِثَابَةُ تستعمل في المحبوب، قال تعالى: {فَأَثابَهُمُ الله بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ}⁣[المائدة: ٨٥]، وقد قيل ذلك في المكروه {فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}⁣[آل عمران: ١٥٣]، على الاستعارة كما تقدّم، والتَّثْوِيب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه، نحو: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ}⁣[المطففين: ٣٦]، وقوله ø: {وإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً}⁣[البقرة: ١٢٥]، قيل: معناه: مكانا يثوب إليه النّاس على مرور الأوقات، وقيل: مكانا يكتسب فيه الثواب. والثَّيِّب: التي تثوب عن الزوج.

  قال تعالى: {ثَيِّباتٍ وأَبْكاراً}⁣[التحريم: ٥]، وقال #: «الثيّب أحقّ بنفسها»⁣(⁣٢).

  والتَّثْوِيب: تكرار النداء، ومنه: التثويب في الأذان، والثُّوبَاء التي تعتري الإنسان سميت بذلك لتكررها، والثُّبَة: الجماعة الثائب بعضهم إلى بعض في الظاهر. قال ø: {فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً}⁣[النساء: ٧١]، قال الشاعر:

  ٨٦ - وقد أغدو على ثبة كرام⁣(⁣٣)

  وثبة الحوض: ما يثوب إليه الماء، وقد تقدّم⁣(⁣٤).


(١) الشطر لامرئ القيس، وعجزه:

وأوجههم بيض المسافر غرّان

وهو في ديوانه ص ١٦٧، واللسان (ثوب).

(٢) الحديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه (١٤٢١)، وابن ماجة في سننه ١/ ٦٠١، ومالك في الموطأ. انظر تنوير الحوالك ٢/ ٦٢، وشرح السنة ٩/ ٣٠، والرواية [الأيم] بدل [الثيب].

(٣) البيت تقدم قريبا برقم ٨٠.

(٤) راجع مادة (ثبة).