جبل
  مجبرا في صورة مخيّر، فإمّا راض بصنعته لا يريد عنها حولا، وإمّا كاره لها يكابدها مع كراهيته لها، كأنه لا يجد عنها بدلا ولذلك قال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[المؤمنون: ٥٣]، وقال ø: {نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا}[الزخرف: ٣٢]، وعلى هذا الحدّ وصف بالقاهر، وهو لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة أن يقهر عليه، وقد روي عن أمير المؤمنين ¥: (يا بارئ المسموكات وجبّار القلوب على فطرتها شقيّها وسعيدها).
  وقول ابن قتيبة(١): هو من: جبرت العظم، فإنه جبر القلوب على فطرتها من المعرفة، فذكر لبعض ما دخل في عموم ما تقدّم. وجَبَرُوت: فعلوت من التجبر، واسْتَجْبَرْتُ حاله: تعاهدت أن أجبرها، وأصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُهَا أي: لا يتحرّى لجبرها من عظمها، واشتق من لفظ جبر العظم الجَبِيرَة:
  للخرقة التي تشد على المَجْبُور، والجِبَارة للخشبة التي تشدّ عليه، وجمعها جَبَائِر، وسمّي الدّملوج(٢) جبارة تشبيها بها في الهيئة، والجبار:
  لما يسقط من الأرش.
جبل
  الجَبَل جمعه: أَجْبَال وجِبَال، وقال ø: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهاداً والْجِبالَ أَوْتاداً}[النبأ: ٦ - ٧]، وقال تعالى: {والْجِبالَ أَرْساها}[النازعات: ٣٢]، وقال تعالى: {ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ}[النور: ٤٣]، وقال تعالى: {ومِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها}[فاطر: ٢٧]، {ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً}[طه: ١٠٥]، {وتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ}[الشعراء: ١٤٩]، واعتبر معانيه، فاستعير منه واشتق منه بحسبه، فقيل: فلان جبل لا يتزحزح تصورا لمعنى الثبات فيه.
  وجَبَلَه اللَّه على كذا، إشارة إلى ما رّكب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله، وفلان ذو جِبِلَّة، أي: غليظ الجسم، وثوب جيد الجبلة، وتصور منه معنى العظم، فقيل للجماعة العظيمة: جِبْلٌ. قال اللَّه تعالى: {ولَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً}[يس: ٦٢]، أي: جماعة تشبيها بالجبل في العظم وقرئ: {جِبِلاًّ}(٣) مثقّلا.
  قال التوزي(٤): جُبْلًا(٥) وجَبْلًا وجُبُلاًّ(٦) وجِبِلاًّ.
(١) غريب الحديث ٢/ ١٤٥.
(٢) هو الحجر الأملس.
(٣) وهي قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي ورويس وخلف، بضمتين وتخفيف اللام.
(٤) اسمه عبد اللَّه بن محمد، توفي ٢٣٠ هـ. راجع أخباره في إنباه الرواة ٢/ ١٢٦.
(٥) وبها قرأ أبو عمرو وابن عامر.
(٦) وبها قرأ روح عن يعقوب.