جرف
  أبغيته مالا، أي أغثته.
  وقوله ø: {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا}[المائدة: ٨]، وقوله ø: {فَعَلَيَّ إِجْرامِي}[هود: ٣٥]، فمن كسر(١) فمصدر، ومن فتح(٢) فجمع جرم.
  واستعير من الجرم - أي: القطع - جَرَمْتُ صوف الشاة، وتَجَرَّمَ الليل(٣).
  والجِرْمُ في الأصل: المجروم، نحو نقض ونفض للمنقوض والمنفوض، وجعل اسما للجسم المجروم، وقولهم: فلان حسن الجرم، أي: اللون، فحقيقته كقولك: حسن السخاء.
  وأمّا قولهم: حسن الجرم، أي: الصوت(٤).
  فالجرم في الحقيقة إشارة إلى موضع الصوت لا إلى ذات الصوت، ولكن لمّا كان المقصود بوصفه بالحسن هو الصوت فسّر به، كقولك: فلان طيب الحلق، وإنما ذلك إشارة إلى الصوت لا إلى الحلق نفسه. وقوله ø: {لا جَرَمَ}(٥) قيل: إنّ «لا» يتناول محذوفا، نحو «لا» في قوله تعالى: {لا أُقْسِمُ}[القيامة: ١]، وفي قول الشاعر:
  ٩٢ - لا وأبيك ابنة العامري(٦)
  ومعنى جرم: كسب، أو جنى. و: {أَنَّ لَهُمُ النَّارَ}[النحل: ٦٢]، في موضع المفعول، كأنه قال: كسب لنفسه النار.
  وقيل: جَرَمَ وجَرِمَ بمعنى، لكن خصّ بهذا الموضع «جرم» كما خصّ عمر بالقسم، وإن كان عمر وعمر(٧) بمعنى، ومعناه: ليس بجرم أنّ لهم النار، تنبيها أنهم اكتسبوها بما ارتكبوه إشارة إلى قوله تعالى: {ومَنْ أَساءَ فَعَلَيْها}[الجاثية: ١٥].
(١) اتفق جميع القراء على كسر الهمزة من {إِجْرامِي}.
(٢) وهي قراءة شاذة.
(٣) أي: ذهب.
(٤) قال ابن مالك:
كسب وأرض ذات حرّ جرم ... وعرب والقطع، أمّا الجرم
فالجسم والصوت، وأمّا الجرم ... فالذّنب لا عوملت بالإذناب
(٥) الآية: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} من سورة النحل: رقم (٦٢).
(٦) الشطر لامرئ القيس، وعجزه:
لا يدعي القوم أنّي أفرّ
وهو في ديوانه ص ٦٨.
(٧) قال الزمخشري: العمر: الحياة والبقاء، وفيه لغات ثلاث: عمر، وعمر، وعمر، ولا يستعمل في القسم من اللغات الثلاث إلا المفتوحة، لأنها أخف اللغات، ووزنها أخف الأوزان الثلاثية كلها، والقسم كثير الاستعمال عندهم فاختاروا له أخفّها، انظر: أعجب العجب ص ٣٨ - ٣٩.