جن
  كذا، وجمالك، أي: أجمل، واعتبر منه معنى الكثرة، فقيل لكلّ جماعة غير منفصلة: جُمْلَة، ومنه قيل للحساب الذي لم يفصّل والكلام الذي لم يبيّن: مُجْمَل، وقد أجملت الحساب، وأجملت في الكلام. قال تعالى: {وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْه الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً}[الفرقان: ٣٢]، أي: مجتمعا لا كما أنزل نجوما مفترقة. وقول الفقهاء: المُجْمَل: ما يحتاج إلى بيان، فليس بحدّ له ولا تفسير، وإنما هو ذكر بعض أحوال الناس معه، والشيء يجب أن تبيّن صفته في نفسه التي بها يتميز، وحقيقة المجمل:
  هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخّصة.
  والجَمَلُ يقال للبعير إذا بزل(١)، وجمعه جِمَال وأَجْمَال وجِمَالة قال اللَّه تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ}[الأعراف: ٤٠]، وقوله: {جِمالَتٌ صُفْرٌ}(٢) [المرسلات: ٣٣]، جمع جِمَالة، والجِمَالَة جمع جَمَل، وقرئ:
  جمالات(٣) بالضم، وقيل: هي القلوص، والجَامِل: قطعة من الإبل معها راعيها، كالباقر، وقولهم: اتّخذ الليل جملا(٤) فاستعارة، كقولهم: ركب الليل، وتسمية الجمل بذلك يجوز أن يكون لما قد أشار إليه بقوله: {ولَكُمْ فِيها جَمالٌ}[النحل: ٦]، لأنهم كانوا يعدّون ذلك جمالا لهم. وجَمَلْتُ الشحم: أذبته، والجَمِيل: الشحم المذاب، والاجتمال:
  الادهان به، وقالت امرأة لبنتها: تَجَمَّلِي وتعفّفي(٥)، أي: كلي الجميل، واشربي العفافة(٦).
جنَّ
  أصل الجِنِّ: ستر الشيء عن الحاسة، يقال:
  جَنَّه الليل وأَجَنَّه وجَنَّ عليه، فَجَنَّه: ستره، وأَجَنَّه جعل له ما يجنّه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجَنَّ عليه كذا: ستر عليه، قال ø: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْه اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً}[الأنعام: ٧٦]، والجَنَان: القلب، لكونه مستورا عن الحاسة، والمِجَنُّ والمِجَنَّة: الترس الذي يجنّ صاحبه. قال ø: {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً}[المجادلة: ١٦]، وفي الحديث:
  «الصّوم جنّة»(٧).
(١) بزل البعير يبزل: فطر نابه أي: انشق.
(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب بخلفه وشعبة عن عاصم، وقرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف: جمالة.
(٣) وبها قرأ رويس عن يعقوب، وهي قراءة صحيحة متواترة. راجع: الإتحاف ص ٤٣٠.
(٤) انظر: أساس البلاغة ص ٦٤.
(٥) راجع: المجمل لابن فارس ١/ ١٩٨.
(٦) العفافة: وهو ما بقي في الضرع من اللبن.
(٧) الحديث يروى: «الصيام جنّة» وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر: تنوير الحوالك ١/ ٢٨٧، وفتح الباري ٤/ ٨٧، ومسلم رقم (١١٥١)، وانظر: شرح السنة للبغوي ٦/ ٢٢٥.