مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حرق

صفحة 229 - الجزء 1

  مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ الله ثُمَّ يُحَرِّفُونَه مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوه}⁣[البقرة: ٧٥]، والحِرْف: ما فيه حرارة ولذع، كأنّه محرّف عن الحلاوة والحرارة، وطعام حِرِّيف، وروي عنه : «نزل القرآن على سبعة أحرف»⁣(⁣١) وذلك مذكور على التحقيق في «الرّسالة المنبّهة على فوائد القرآن»⁣(⁣٢).

حرق

  يقال: أَحْرَقَ كذا فاحترق، والحريق: النّار، وقال تعالى: {وذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ}⁣[الحج: ٢٢]، وقال تعالى: {فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيه نارٌ فَاحْتَرَقَتْ}⁣[البقرة: ٢٦٦]، و {قالُوا حَرِّقُوه وانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٦٨]، {لَنُحَرِّقَنَّه}⁣[طه: ٩٧]، و (لنحرقنّه)⁣(⁣٣)، قرئا معا، فَحَرْقُ الشيء:

  إيقاع حرارة في الشيء من غير لهيب، كحرق الثوب بالدّق⁣(⁣٤)، وحَرَقَ الشيء: إذا برده بالمبرد، وعنه استعير: حرق الناب، وقولهم: يحرق عليّ الأرّم⁣(⁣٥)، وحرق الشعر: إذا انتشر، وماء حُرَاق:

  يحرق بملوحته، والإحراق: إيقاع نار ذات لهيب في الشيء، ومنه استعير: أحرقني بلومه: إذا بالغ في أذيّته بلوم.

حرك

  قال تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِه لِسانَكَ}⁣[القيامة: ١٦]، الحركة: ضدّ السكون، ولا تكون إلا للجسم، وهو انتقال الجسم من مكان إلى مكان، وربّما قيل: تَحَرَّكَ كذا: إذا استحال، وإذا زاد في أجزائه وإذا نقص من أجزائه.

حرم

  الحرام: الممنوع منه إمّا بتسخير إلهي وإمّا بشريّ، وإما بمنع قهريّ، وإمّا بمنع من جهة العقل أو من جهة الشرع، أو من جهة من يرتسم أمره، فقوله تعالى: {وحَرَّمْنا عَلَيْه الْمَراضِعَ}⁣[القصص: ١٢]، فذلك تحريم بتسخير، وقد حمل على ذلك: {وحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها}⁣[الأنبياء: ٩٥]، وقوله تعالى: {فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً}⁣[المائدة: ٢٦]، وقيل: بل كان حراما عليهم من جهة القهر لا بالتسخير الإلهي، وقوله تعالى: {إِنَّه مَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيْه الْجَنَّةَ}⁣[المائدة: ٧٢]، فهذا من جهة القهر بالمنع، وكذلك قوله


(١) الحديث صحيح متفق عليه، ورواية البخاري: «إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيّسر منه».

راجع: فتح الباري ٩/ ٢٣ كتاب فضائل القرآن، ومسلم ٢/ ٢٠٢، والتمهيد لابن عبد البر ٨/ ٢٧٢.

وقد ذكر أبو شامة في «المرشد الوجيز» هذا الحديث ورواياته كلها فمن أراد التوسع فليرجع إليه، ثم قال: (قال:

أبو عبيد: قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة). المرشد الوجيز ص ٨٧.

(٢) وانظر: فتح الباري ٩/ ٢٥ - ٣٠.

(٣) وبها قرأ ابن وردان عن أبي جعفر. راجع الإتحاف ص ٣٠٧.

(٤) في المجمل ١/ ٢٢٧ والحرق في الثوب من الدّق.

(٥) أي: يحك أسنانه بعضها ببعض غيظا.