حصن
  لا يأتي النساء، إمّا من العنّة، وإمّا من العفّة والاجتهاد في إزالة الشهوة. والثاني أظهر في الآية، لأنّ بذلك تستحق المحمدة، والحصر والإحصارُ: المنع من طريق البيت، فالإحصار يقال في المنع الظاهر كالعدوّ، والمنع الباطن كالمرض، والحصر لا يقال إلا في المنع الباطن، فقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}[البقرة: ١٩٦]، فمحمول على الأمرين، وكذلك قوله: {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ الله}[البقرة: ٢٧٣]، وقوله ø: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}[النساء: ٩٠]، أي:
  ضاقت(١) بالبخل والجبن، وعبّر عنه بذلك كما عبّر عنه بضيق الصدر، وعن ضده بالبر والسعة.
حصن
  الحصن جمعه حصون، قال اللَّه تعالى: {مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ الله}[الحشر: ٢]، وقوله ø: {لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ}[الحشر: ١٤]، أي: مجعولة بالإحكام كالحصون، وتَحَصَّنَ: إذا اتخذ الحصن مسكنا، ثم يتجوّز به في كلّ تحرّز، ومنه: درع حصينة، لكونها حصنا للبدن وفرس حِصَان: لكونه حصنا لراكبه، وبهذا النظر قال الشاعر:
  ١١٥ - أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى(٢)
  وقوله تعالى: {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ}[يوسف: ٤٨]، أي: تحرزون في المواضع الحصينة الجارية مجرى الحصن، وامرأة حَصان وحَاصِن، وجمع الحصان: حُصُن، وجمع الحاصن حَوَاصِن، ويقال: حصان للعفيفة، ولذات حرمة، وقال تعالى: {ومَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها}[التحريم: ١٢].
  وأَحْصَنَتْ وحَصَنَتْ، قال اللَّه تعالى: {فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ}[النساء: ٢٥]، أي:
  تزوّجن، أحصنّ: زوجنّ، والحصان في الجملة: المُحْصَنَة، إما بعفّتها، أو تزوّجها، أو بمانع من شرفها وحريتها.
  ويقال: امرأة مُحْصَن ومُحْصِن، فالمُحْصِن يقال: إذا تصوّر حصنها من نفسها، والمُحْصَن يقال إذا تصوّر حصنها من غيرها، وقوله ø: {وآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ}[النساء: ٢٥]، وبعده: {فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ}[النساء: ٢٥]، ولهذا قيل: المحصنات: المزوّجات، تصوّرا أنّ
(١) انظر: الدر المنثور ٢/ ٦١٣، وتفسير غريب القرآن ص ١٣٤.
(٢) هذا عجز بيت للأسعر الجعفي، شاعر جاهلي، وصدره:
ولقد علمت على تجشمي الردى
وهو في الأصمعيات ص ١٤١، والبصائر ٢/ ٤٧٢، والحيوان ١/ ٣٤٦.