مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حل

صفحة 251 - الجزء 1

  فالمحكم: ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى. والمتشابه على أضرب تذكر في بابه إن شاء اللَّه⁣(⁣١). وفي الحديث: «إنّ الجنّة للمُحَكِّمِين»⁣(⁣٢) قيل: هم قوم خيّروا بين أن يقتلوا مسلمين وبين أن يرتدّوا فاختاروا القتل⁣(⁣٣). وقيل: عنى المتخصّصين بالحكمة.

حلَّ

  أصل الحَلّ: حلّ العقدة، ومنه قوله ø: {واحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي}⁣[طه: ٢٧]، وحَللْتُ: نزلت، أصله من حلّ الأحمال عند النزول، ثم جرّد استعماله للنزول، فقيل:

  حَلَّ حُلُولًا، وأَحَلَّه غيره، قال ø: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ}⁣[الرعد: ٣١]، {وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ}⁣[إبراهيم: ٢٨]، ويقال: حَلَّ الدّين: وجب⁣(⁣٤) أداؤه، والحِلَّة:

  القوم النازلون، وحيّ حِلَال مثله، والمَحَلَّة:

  مكان النزول، وعن حلّ العقدة استعير قولهم:

  حَلَّ الشيء حلالًا، قال اللَّه تعالى: {وكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ الله حَلالًا طَيِّباً}⁣[المائدة: ٨٨]، وقال تعالى: {هذا حَلالٌ وهذا حَرامٌ}⁣[النحل: ١١٦]، ومن الحُلُول أَحَلَّت الشاة: نزل اللبن في ضرعها⁣(⁣٥)، وقال تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه}⁣[البقرة: ١٩٦]، وأَحَلَّ اللَّه كذا، قال تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعامُ}⁣[الحج: ٣٠]، وقال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ الله عَلَيْكَ وبَناتِ عَمِّكَ وبَناتِ عَمَّاتِكَ ... الآية}⁣[الأحزاب: ٥٠]، فإِحْلَال الأزواج هو في الوقت، لكونهنّ تحته، وإحلال بنات العم وما بعدهنّ إحلال التزوج بهنّ⁣(⁣٦)، وبلغ الأجل محلَّه، ورجل حَلالٌ ومُحِلُّ: إذا خرج من الإحرام، أو خرج من الحرم، قال ø: {وإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا}⁣[المائدة: ٢]، وقال تعالى: {وأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ}⁣[البلد: ٢]، أي: حلال، وقوله ø: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ}⁣[التحريم: ٢]، أي: بيّن ما تَنْحَلُّ به عقدة أيمانكم من الكفّارة، وروي:

  «لا يموت للرجل ثلاثة من الأولاد فتمسّه النّار إلا تحلَّة القسم»⁣(⁣٧) أي: قدر ما يقول إن شاء اللَّه تعالى، وعلى هذا قول الشاعر:


(١) انظر: باب (شبه).

(٢) الحديث في النهاية ١/ ٤١٩، والفائق ١/ ٣٠٣.

(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٥/ ٢٦٥ عن مجاهد.

(٤) انظر: المجمل ١/ ٢١٧، والبصائر ٢/ ٤٩٣.

(٥) انظر: المجمل ١/ ٢١٨، والبصائر ٢/ ٤٩٣.

(٦) وهذا منقول في البصائر ١/ ٤٩٣.

(٧) الحديث أخرجه البخاري في الأيمان والنذور ١١/ ٤٧٢، ومسلم في البر والصلة (٢٦٣٢)، وانظر: شرح السنة ٥/ ٤٥١، وهو في الموطأ كتاب الجنائز، بشرح الزرقاني ٢/ ٧٥.