مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حن

صفحة 259 - الجزء 1

  الحديدة إِحْمَاء. وحُمَيّا الكأس⁣(⁣١): سورتها وحرارتها، وعبّر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحَمِيَّة، فقيل: حَمِيتُ على فلان، أي:

  غضبت عليه، قال تعالى: {حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ}⁣[الفتح: ٢٦]، وعن ذلك استعير قولهم: حميت المكان حمى، وروي: (لا حِمَى إلا للَّه ورسوله)⁣(⁣٢).

  وحميت أنفي مَحْمِيَة⁣(⁣٣)، وحميت المريض حَمْياً، وقوله ø: {ولا حامٍ}⁣[المائدة: ١٠٣]، قيل: هو الفحل إذا ضرب عشرة أبطن كأن يقال: حَمَى ظَهْرَه فلا يركب⁣(⁣٤)، وأحماء المرأة: كلّ من كان من قبل زوجها⁣(⁣٥)، وذلك لكونهم حُمَاة لها، وقيل: حَمَاهَا وحَمُوهَا وحَمِيهَا، وقد همز في بعض اللغات فقيل:

  حمء، نحو: كمء⁣(⁣٦)، والحَمْأَةُ والحَمَأُ: طين أسود منتن، قال تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}⁣[الحجر: ٢٦]، ويقال: حمأت البئر: أخرجت حمأتها، وأحمأتها: جعلت فيها حما، وقرئ: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}⁣(⁣٧): ذات حمأ.

حنَّ

  الحنين: النّزاع المتضمّن للإشفاق يقال:

  حَنَّتِ المرأة، والنّاقة لولدها، وقد يكون مع ذلك صوت، ولذلك يعبّر بالحنين عن الصّوت الدّالّ على النزاع والشّفقة، أو متصوّر بصورته. وعلى ذلك حنين الجذع، وريح حَنُون، وقوس حَنَّانَة: إذا رنّت عند الإنباض⁣(⁣٨). وقيل: ما له حانَّة ولا آنّة، أي: لا ناقة ولا شاة سمينة، ووصفتا بذلك اعتبارا بصوتيهما، ولمّا كان الحنين متضمّنا للإشفاق، والإشفاق لا ينفكّ من الرّحمة عبّر عن الرّحمة به في نحو قوله تعالى: {وحَناناً مِنْ لَدُنَّا}⁣[مريم: ١٣]، ومنه قيل: الحَنَّان المنّان⁣(⁣٩)، وحَنَانَيْكَ: إشفاقا بعد إشفاق، وتثنيته


(١) انظر: المجمل ١/ ٢٥٠.

(٢) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب أهل الدار يبيّتون فيصاب الولدان والذراري ٦/ ١٤٦، وأحمد في مسنده ٤/ ٧٣، وأبو داود في باب الأرض يحميها الرجل. انظر: معالم السنن ٣/ ٤٩.

(٣) انظر: أساس البلاغة ص ٩٧.

(٤) راجع: الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٣/ ٢١٢.

(٥) قال ابن فارس: الحمو: أبو الزوج، وأبو امرأة الرجل. انظر: المجمل ١/ ٢٤٩.

وقال ابن الأثير: الأحماء: أقارب الزوج، وفيه (لا يخلونّ رجل بمغيّبة وإن قيل حموها، ألا حموها الموت).

انظر: النهاية ١/ ٤٤٨.

(٦) وهذا منقول عن الأصمعي، انظر: المجمل ١/ ٢٤٩.

(٧) سورة الكهف: آية ٨٦، وقد مرّت في الصفحة السابقة.

(٨) انظر: المجمل ١/ ٢١٨.

(٩) انظر: الأسماء والصفات ص ٨٦ - ١٠٥.