مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

خلص

صفحة 292 - الجزء 1

  يبقى من الإنسان على حالته، فلا يستحيل ما دام الإنسان حيّا استحالة سائر أجزائه⁣(⁣١)، وأصل المُخَلَّد: الذي يبقى مدّة طويلة ومنه قيل: رجل مُخَلَّد لمن أبطأ عنه الشيب، ودابة مُخَلَّدَة: هي التي تبقى ثناياها حتى تخرج رباعيتها، ثم استعير للمبقيّ دائما. والخُلُودُ في الجنّة: بقاء الأشياء على الحالة التي عليها من غير اعتراض الفساد عليها، قال تعالى: {أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}⁣[البقرة: ٨٢]، {أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}⁣[البقرة: ٣٩]، {ومَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُه جَهَنَّمُ خالِداً فِيها}⁣[النساء: ٩٣]، وقوله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ}⁣[الواقعة: ١٧]، قيل:

  مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة، وقيل:

  مقرّطون بخلدة، والخَلَدَة: ضرب من القرطة⁣(⁣٢)، وإِخلادُ الشيء: جعله مبقى، والحكم عليه بكونه مبقى، وعلى هذا قوله سبحانه: {ولكِنَّه أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ}⁣[الأعراف: ١٧٦]، أي:

  ركن إليها ظانّا أنه يخلد فيها.

خلص

  الخالص كالصافي إلَّا أنّ الخالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن كان فيه، والصّافي قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال: خَلَّصْته فَخَلَصَ، ولذلك قال الشاعر:

  ١٤٦ - خلاص الخمر من نسج الفدام⁣(⁣٣)

  قال تعالى: {وقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِه الأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا}⁣[الأنعام: ١٣٩]، ويقال: هذا خالص وخالصة، نحو: داهية وراوية، وقوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْه خَلَصُوا نَجِيًّا}⁣[يوسف: ٨٠]، أي: انفردوا خالصين عن غيرهم. وقوله: {ونَحْنُ لَه مُخْلِصُونَ}⁣[البقرة: ١٣٩]، {إِنَّه مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ}⁣[يوسف: ٢٤]، فإخلاص المسلمين أنّهم قد تبرّؤوا ممّا يدّعيه اليهود من التشبيه، والنصارى من التثليث، قال تعالى: {مُخْلِصِينَ لَه الدِّينَ}⁣[الأعراف: ٢٩]، وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله ثالِثُ ثَلاثَةٍ}⁣[المائدة: ٧٣]، وقال: {وأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّه}⁣[النساء: ١٤٦]، وهو


(١) انظر: البصائر ٢/ ٥٥٨.

(٢) القرطة والأقراط والقراط جمع: قرط، وهو نوع من حليّ الأذن، وهذا قول ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٤٧.

(٣) هذا عجز بيت، وشطره الأول:

وضاقت خطة فخلصت منها

والعجز في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين مادة (خلص)، وعقد الخلاص ص ٣٠٥ دون نسبة، وهو للمتنبي في الوساطة بين المتنبي وخصومه ص ١٢٠، والتبيان شرح الديوان ٤/ ١٤٨.

والفدام: ما يوضع في فم الإبريق ليصفّى به ما فيه.