مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

درس

صفحة 311 - الجزء 1

  عند اللَّه، ودرجات النجوم تشبيها بما تقدّم.

  ويقال لقارعة الطَّريق: مَدْرَجَة، ويقال: فلان يتدرّج في كذا، أي: يتصعّد فيه درجة درجة، ودَرَجَ الشيخ والصّبيّ دَرَجَاناً: مشى مشية الصاعد في درجه. والدَّرْجُ: طيّ الكتاب والثّوب، ويقال للمطويّ: دَرْجٌ. واستعير الدَّرْج للموت، كما استعير الطيّ له في قولهم: طوته المنيّة، وقولهم: من دبّ ودرج، أي: من كان حيّا فمشى، ومن مات فطوى أحواله، وقوله: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}⁣[الأعراف: ١٨٢]، قيل معناه: سنطويهم طيّ الكتاب، عبارة عن إغفالهم نحو: {ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَه عَنْ ذِكْرِنا}⁣[الكهف: ٢٨]، والدَّرَجُ: سفط يجعل فيه الشيء، والدُّرْجَة: خرقة تلفّ فتدخل في حياء⁣(⁣١) الناقة، وقيل: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} معناه: نأخذهم درجة فدرجة، وذلك إدناؤهم من الشيء شيئا فشيئا، كالمراقي والمنازل في ارتقائها ونزولها. والدُّرَّاج: طائر يدرج في مشيته.

درس

  دَرَسَ الدّار معناه: بقي أثرها، وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه، فلذلك فسّر الدُّرُوس بالانمحاء، وكذا دَرَسَ الكتابُ، ودَرَسْتُ العلم:

  تناولت أثره بالحفظ، ولمّا كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبّر عن إدامة القراءة بالدّرس، قال تعالى: {ودَرَسُوا ما فِيه}⁣[الأعراف: ١٦٩]، وقال: {بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}⁣[آل عمران: ٧٩]، {وما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها}⁣[سبأ: ٤٤]، وقوله تعالى: {ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ}⁣[الأنعام: ١٠٥]، وقرئ:

  دَارَسْتَ⁣(⁣٢) أي: جاريت أهل الكتاب، وقيل: {ودَرَسُوا ما فِيه}⁣[الأعراف: ١٦٩]، تركوا العمل به، من قولهم: دَرَسَ القومُ المكان، أي: أبلوا أثره، ودَرَسَتِ المرأةُ: كناية عن حاضت، ودَرَسَ البعيرُ: صار فيه أثر جرب.

درك

  الدَّرْكُ كالدّرج، لكن الدّرج يقال اعتبارا بالصّعود، والدّرك اعتبارا بالحدور، ولهذا قيل:

  درجات الجنّة، ودَرَكَات النار، ولتصوّر الحدور في النار سمّيت هاوية، وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}⁣[النساء: ١٤٥]، والدّرك⁣(⁣٣) أقصى قعر البحر.

  ويقال للحبل الذي يوصل به حبل


(١) الحياء: رحم الناقة، وإنما سمّي حياء باسم الحياء، من الاستحياء، لأنه يستر من الآدمي ويكنى عنه من الحيوان، ويستفحش التصريح بذكره واسمه الموضوع له. راجع: اللسان (حيا) ١٤/ ٢١٩.

(٢) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو. راجع: الإتحاف ص ٢١٤.

(٣) بفتح الراء، وهو أشهر، وتسكينها. القاموس.