مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ذعن

صفحة 329 - الجزء 1

  ومن الذّكر بالقلب واللَّسان معا قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}⁣[البقرة: ٢٠٠]، وقوله: {فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ واذْكُرُوه كَما هَداكُمْ}⁣[البقرة: ١٩٨]، وقوله: {ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}⁣[الأنبياء: ١٠٥]، أي: من بعد الكتاب المتقدم. وقوله {هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً}⁣[الدهر: ١]، أي: لم يكن شيئا موجودا بذاته، وإن كان موجودا في علم اللَّه تعالى.

  وقوله: {أَولا يَذْكُرُ الإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناه مِنْ قَبْلُ}⁣[مريم: ٦٧]، أي: أولا يذكر الجاحد للبعث أوّل خلقه، فيستدلّ بذلك على إعادته، وكذلك قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ}⁣[يس: ٧٩]، وقوله: {وهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه}⁣[الروم: ٢٧]، وقوله: {ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ}⁣[العنكبوت: ٤٥]، أي:

  ذكر اللَّه لعبده أكبر من ذكر العبد له، وذلك حثّ على الإكثار من ذكره. والذِّكْرَى: كثرة الذّكر، وهو أبلغ من الذّكر، قال تعالى: {رَحْمَةً مِنَّا وذِكْرى لأُولِي الأَلْبابِ}⁣[ص: ٤٣]، {وذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[الذاريات: ٥٥]، في آي كثيرة. والتَّذْكِرَةُ: ما يتذكَّر به الشيء، وهو أعمّ من الدّلالة والأمارة، قال تعالى: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}⁣[المدثر: ٤٩]، {كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ}⁣[عبس: ١١]، أي: القرآن.

  وذَكَّرْتُه كذا، قال تعالى: {وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله}⁣[إبراهيم: ٥]، وقوله: {فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأُخْرى}⁣[البقرة: ٢٨٢]، قيل: معناه تعيد ذكره، وقد قيل: تجعلها ذكرا في الحكم⁣(⁣١). قال بعض العلماء⁣(⁣٢) في الفرق بين قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}⁣[البقرة: ١٥٢]، وبين قوله: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ}⁣[البقرة: ٤٠]: إنّ قوله: {فَاذْكُرُونِي} مخاطبة لأصحاب النبي الذين حصل لهم فضل قوّة بمعرفته تعالى، فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة، وقوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} مخاطبة لبني إسرائيل الذين لم يعرفوا اللَّه إلَّا بآلائه، فأمرهم أن يتبصّروا نعمته، فيتوصّلوا بها إلى معرفته. والذَّكَرُ: ضدّ الأنثى، قال تعالى: {ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثى}⁣[آل عمران: ٣٦]، وقال: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ}⁣[الأنعام: ١٤٤]، وجمعه: ذُكُور وذُكْرَان، قال تعالى: {ذُكْراناً وإِناثاً}⁣[الشورى: ٥٠]، وجعل الذَّكَر كناية عن العضو المخصوص.

  والمُذْكِرُ: المرأة التي ولدت ذكرا، والمِذْكَار:

  التي عادتها أن تذكر، وناقة مُذَكَّرَة: تشبه الذّكر في عظم خلقها، وسيف ذو ذُكْرٍ، ومُذَكَّر:

  صارم، تشبيها بالذّكر، وذُكُورُ البقل: ما غلظ منه.


(١) راجع: المدخل لعلم تفسير كتاب اللَّه ص ١٠٩.

(٢) نقله الرازي في تفسيره ٣/ ٣٣.