ذعن
  ومن الذّكر بالقلب واللَّسان معا قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}[البقرة: ٢٠٠]، وقوله: {فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ واذْكُرُوه كَما هَداكُمْ}[البقرة: ١٩٨]، وقوله: {ولَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ}[الأنبياء: ١٠٥]، أي: من بعد الكتاب المتقدم. وقوله {هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً}[الدهر: ١]، أي: لم يكن شيئا موجودا بذاته، وإن كان موجودا في علم اللَّه تعالى.
  وقوله: {أَولا يَذْكُرُ الإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناه مِنْ قَبْلُ}[مريم: ٦٧]، أي: أولا يذكر الجاحد للبعث أوّل خلقه، فيستدلّ بذلك على إعادته، وكذلك قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: ٧٩]، وقوله: {وهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه}[الروم: ٢٧]، وقوله: {ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥]، أي:
  ذكر اللَّه لعبده أكبر من ذكر العبد له، وذلك حثّ على الإكثار من ذكره. والذِّكْرَى: كثرة الذّكر، وهو أبلغ من الذّكر، قال تعالى: {رَحْمَةً مِنَّا وذِكْرى لأُولِي الأَلْبابِ}[ص: ٤٣]، {وذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: ٥٥]، في آي كثيرة. والتَّذْكِرَةُ: ما يتذكَّر به الشيء، وهو أعمّ من الدّلالة والأمارة، قال تعالى: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}[المدثر: ٤٩]، {كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ}[عبس: ١١]، أي: القرآن.
  وذَكَّرْتُه كذا، قال تعالى: {وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله}[إبراهيم: ٥]، وقوله: {فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأُخْرى}[البقرة: ٢٨٢]، قيل: معناه تعيد ذكره، وقد قيل: تجعلها ذكرا في الحكم(١). قال بعض العلماء(٢) في الفرق بين قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: ١٥٢]، وبين قوله: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ}[البقرة: ٤٠]: إنّ قوله: {فَاذْكُرُونِي} مخاطبة لأصحاب النبي ﷺ الذين حصل لهم فضل قوّة بمعرفته تعالى، فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة، وقوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} مخاطبة لبني إسرائيل الذين لم يعرفوا اللَّه إلَّا بآلائه، فأمرهم أن يتبصّروا نعمته، فيتوصّلوا بها إلى معرفته. والذَّكَرُ: ضدّ الأنثى، قال تعالى: {ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثى}[آل عمران: ٣٦]، وقال: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ}[الأنعام: ١٤٤]، وجمعه: ذُكُور وذُكْرَان، قال تعالى: {ذُكْراناً وإِناثاً}[الشورى: ٥٠]، وجعل الذَّكَر كناية عن العضو المخصوص.
  والمُذْكِرُ: المرأة التي ولدت ذكرا، والمِذْكَار:
  التي عادتها أن تذكر، وناقة مُذَكَّرَة: تشبه الذّكر في عظم خلقها، وسيف ذو ذُكْرٍ، ومُذَكَّر:
  صارم، تشبيها بالذّكر، وذُكُورُ البقل: ما غلظ منه.
(١) راجع: المدخل لعلم تفسير كتاب اللَّه ص ١٠٩.
(٢) نقله الرازي في تفسيره ٣/ ٣٣.