مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رس

صفحة 353 - الجزء 1

  وتارة لمتحمّل القول والرِّسَالَةِ. والرَّسُولُ يقال للواحد والجمع، قال تعالى: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}⁣[التوبة: ١٢٨]، وللجمع: {فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ}⁣[الشعراء: ١٦]، وقال الشاعر:

  ١٨٩ - ألكني إليها وخير الرّسو ... ل أعلمهم بنواحي الخبر⁣(⁣١)

  وجمع الرّسول رُسُلٌ. ورُسُلُ اللَّه تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى: {إِنَّه لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}⁣[التكوير: ١٩]، وقوله: {إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}⁣[هود: ٨١]، وقوله: {ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ}⁣[هود: ٧٧]، وقال: {ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى}⁣[العنكبوت: ٣١]، وقال: {والْمُرْسَلاتِ عُرْفاً}⁣[المرسلات: ١]، {بَلى ورُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}⁣[الزخرف: ٨٠]، ومن الأنبياء قوله: {وما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}⁣[آل عمران: ١٤٤]، {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}⁣[المائدة: ٦٧]، وقوله: {وما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ}⁣[الأنعام: ٤٨]، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس.

  وقوله: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً}⁣[المؤمنون: ٥١]، قيل: عني به الرّسول وصفوة أصحابه، فسمّاهم رسلا لضمّهم إليه⁣(⁣٢)، كتسميتهم المهلَّب⁣(⁣٣) وأولاده:

  المهالبة. والإِرْسَالُ يقال في الإنسان، وفي الأشياء المحبوبة، والمكروهة، وقد يكون ذلك بالتّسخير، كإرسال الريح، والمطر، نحو: {وأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً}⁣[الأنعام: ٦]، وقد يكون ببعث من له اختيار، نحو إِرْسَالِ الرّسل، قال تعالى: {ويُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً}⁣[الأنعام: ٦١]، {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ}⁣[الشعراء: ٥٣]، وقد يكون ذلك بالتّخلية، وترك المنع، نحو قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}⁣[مريم: ٨٣]، والإِرْسَالُ يقابل الإمساك. قال تعالى: {ما يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَه مِنْ بَعْدِه}⁣[فاطر: ٢]، والرَّسْلُ من الإبل والغنم: ما يَسْتَرْسِلُ في السّير، يقال: جاؤوا أَرْسَالًا، أي:

  متتابعين، والرِّسْلُ: اللَّبن الكثير المتتابع الدّرّ.


(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين ١/ ١٤٦، والبصائر ٣/ ٧٠، واللسان (ألك).

(٢) وقال بعض العلماء: الخطاب في هذه الآية للنبي ، وأنه أقامه مقام الرسل. راجع: القرطبي ١٢/ ١٢٧.

(٣) هو المهلَّب بن أبي صفرة، كان والي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي، وأولاده يقال لهم المهالبة، وله يد طولى في قتال الخوارج، توفي سنة ٨٣ هـ. انظر: أخباره في وفيات الأعيان ٥/ ٣٥٠، والكامل لابن الأثير، وشذرات الذهب ١/ ٩٥.