مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

زين

صفحة 388 - الجزء 1

  ثباتا في كبد السماء، ولهذا قالوا: قام قائم الظَّهيرة، وسار النهار، وقيل: زَالَه يَزِيلُه⁣(⁣١) زَيْلًا، قال الشاعر:

  ٢١٧ - زَالَ زوالها⁣(⁣٢)

  أي: أذهب اللَّه حركتها، والزَّوَالُ: التّصرّف. وقيل:

  هو نحو قولهم: أسكت اللَّه نأمته⁣(⁣٣)، وقال الشاعر:

  ٢١٨ - إذا ما رأتنا زال منها زويلها⁣(⁣٤)

  ومن قال: زال لا يتعدّى، قال: (زوالها) نصب على المصدر، و {تَزَيَّلُوا}⁣[الفتح: ٢٥]، تفرّقوا، قال {فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ}⁣[يونس: ٢٨]، وذلك على التّكثير فيمن قال: زلت متعدّ، نحو: مزته وميّزته، وقولهم: مَا زَالَ ولا يزال خصّا بالعبارة، وأجريا مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر، وأصله من الياء، لقولهم:

  زَيَّلْتُ، ومعناه معنى ما برحت، وعلى ذلك: {ولا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ}⁣[هود: ١١٨]، وقوله: {لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ}⁣[التوبة: ١١٠]، {ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[الرعد: ٣١]، {فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ}⁣[غافر: ٣٤]، ولا يصحّ أن يقال: ما زال زيد إلَّا منطلقا، كما يقال: ما كان زيد إلَّا منطلقا، وذلك أنّ زَالَ يقتضي معنى النّفي، إذ هو ضدّ الثّبات، وما ولا: يقتضيان النّفي، والنّفيان إذا اجتمعا اقتضيا الإثبات، فصار قولهم: ما زَالَ يجري مجرى (كان) في كونه إثباتا فكما لا يقال: كان زيد إلا منطلقا لا يقال: ما زال زيد إلا منطلقا.

زين

  الزِّينَةُ الحقيقيّة: ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فأمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين، والزِّينَةُ بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة كالعلم، والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيّة، كالقوّة وطول القامة، وزينة خارجيّة كالمال والجاه. فقوله: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمانَ وزَيَّنَه فِي قُلُوبِكُمْ}⁣[الحجرات: ٧]،


(١) قال السرقسطي: وقد زال الشيء يزيله زيلا: إذا مازه منه. انظر: الأفعال ٣/ ٤٧٩.

(٢) البيت:

هذا النهار بدا لها من همّها ... ما بالها بالليل زال زوالها

وهو للأعشى في ديوانه ص ١٥٠، واللسان (زول).

قيل: معناه: زال الخيال زوالها.

(٣) أي: نغمته وصوته، انظر: اللسان (نأم)، والمنتخب لكراع النمل ١/ ٤٦.

(٤) هذا عجز بيت، وشطره:

وبيضاء لا تنحاش منّا وأمها

وهو لذي الرّمة في ديوانه ص ٦٣٧ من قصيدة مطلعها:

أخرقاء للبين استقلَّت حمولها ... نعم غربة فالعين يجري مسيلها

ورواية الديوان «زيل» والبيت في المجمل ٢/ ٤٤٥.