مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

سبب

صفحة 391 - الجزء 1

كتاب السّين

سبب

  السَّبَبُ: الحبل الذي يصعد به النّخل، وجمعه أَسْبَابٌ، قال: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبابِ}⁣[ص: ١٠]، والإشارة بالمعنى إلى نحو قوله: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيه فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ}⁣[الطور: ٣٨]، وسمّي كلّ ما يتوصّل به إلى شيء سَبَباً، قال تعالى: {وآتَيْناه مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً}⁣[الكهف: ٨٤ - ٨٥]، ومعناه: أنّ اللَّه تعالى آتاه من كلّ شيء معرفة، وذريعة يتوصّل بها، فأتبع واحدا من تلك الأسباب، وعلى ذلك قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ}⁣[غافر: ٣٦ - ٣٧]، أي: لعلَّي أعرف الذرائع والأسباب الحادثة في السماء، فأتوصّل بها إلى معرفة ما يدعيه موسى، وسمّي العمامة والخمار والثوب الطويل سَبَباً⁣(⁣١)، تشبيها بالحبل في الطَّول. وكذا منهج الطريق وصف بالسّبب، كتشبيهه بالخيط مرّة، وبالثوب الممدود مرّة. والسَّبُّ: الشّتم الوجيع، قال: {ولا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}⁣[الأنعام: ١٠٨]، وسَبَّهُمْ للَّه ليس على أنهم يَسُبُّونَه صريحا، ولكن يخوضون في ذكره فيذكرونه بما لا يليق به، ويتمادون في ذلك بالمجادلة، فيزدادون في ذكره بما تنزّه تعالى عنه. وقول الشاعر:

  ٢٢٠ - فما كان ذنب بني مالك ... بأن سبّ منهم غلاما فسبّ

  ٢٢١ - بأبيض ذي شطب قاطع ... يقطَّ العظام ويبري العصب⁣(⁣٢)

  فإنه نبّه على ما قال الآخر:


(١) في اللسان: السب: الخمار والعمامة، وشقّة كتّان رقيقة. اللسان (سبب).

(٢) البيتان لذي الخرق الطهوي. وهما في أمالي القالي ٣/ ٥٤، واللسان (سبب)، والجمهرة ١/ ٣٠، والأول في المجمل ٢/ ٤٥٦، وغريب الحديث للخطابي ٢/ ٤٣٠. وانظر خبر الأبيات في الأمالي.