مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أمثلة من جمع الراغب بين الشريعة والحكمة:

صفحة 33 - الجزء 1

  المحاورة والتخاطب والاحتجاج والاستدلال، لا على مصطلح اليونان، ولكل قوم لغة واصطلاح، وقد قال تعالى: {وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}⁣[إبراهيم: ٤].

  وقال عمر بن عبد العزيز لرجل سأله عن شيء من الأهواء: عليك بدين الصبي الذي في الكتّاب والأعراب، والْه عما سواهما.

  وقال مالك: ما قلَّت الآثار في قوم إلا ظهرت فيهم الأهواء، ولا قلَّت العلماء إلا ظهر في الناس الجفاء.

  وقال القاضي أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق.

  وقال الغزالي: أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام⁣(⁣١).

  وأنشد الخطابي:

  حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا، وكلّ كاسر مكسور

أمثلة من جمع الراغب بين الشريعة والحكمة:

  نقول أولا: إن القاعدة التي اتّبعها الراغب في الجمع بينهما أنه جعل الشريعة هي الأساس والميزان، ثم عرض كلام الحكماء عليها، فما وافق قبله، وما لا فلا، لذلك نجده يقول في كتابه الذريعة: (واجب على الحكيم العالم النحرير أن يقتدي بالنبيّ فيما قال:

  إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزّل الناس منازلهم⁣(⁣٢)، ونكلم الناس بقدر عقولهم)⁣(⁣٣).

  فمن ذلك قوله:

  قيل لبعض الحكماء: هل من موجود يعمّ الورى؟ فقال: نعم أن تحسن خلقك، وتنوي لكل أحد خيرا⁣(⁣٤).

  ثم يتبعه بما يقابله من الشريعة فيقول: وقال : «إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم»⁣(⁣٥).


(١) انظر: نقض المنطق لابن تيمية ص ٢٦.

(٢) الحديث أخرجه مسلم تعليقا في مقدمة صحيحه، مع بعض الاختلاف، وانظر: كشف الخفاء ١/ ١٩٤. والشطر الثاني «أمرنا أن نكلَّم الناس على قدر عقولهم» رواه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعا.

(٣) انظر: الذريعة ص ١٢١.

(٤) انظر: الذريعة ص ٤٦.

(٥) الحديث أخرجه الحاكم والبزّار وابن عديّ والبيهقي عن أبي هريرة. انظر: كشف الخفاء ١/ ٢١٧.