مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

سكن

صفحة 417 - الجزء 1

  بالسّكون العارض من السّكر.

سكن

  السُّكُونُ: ثبوت الشيء بعد تحرّك، ويستعمل في الاستيطان نحو: سَكَنَ فلان مكان كذا، أي:

  استوطنه، واسم المكان مَسْكَنُ، والجمع مَسَاكِنُ، قال تعالى: {لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ}⁣[الأحقاف: ٢٥]، وقال تعالى: {ولَه ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ والنَّهارِ}⁣[الأنعام: ١٣]، و {لِتَسْكُنُوا فِيه}⁣[يونس: ٦٧]، فمن الأوّل يقال: سكنته، ومن الثاني يقال: أَسْكَنْتُه نحو قوله تعالى: {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي}⁣[إبراهيم: ٣٧]، وقال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}⁣[الطلاق: ٦]، وقوله تعالى: {وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاه فِي الأَرْضِ}⁣[المؤمنون: ١٨]، فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه، والسَّكَنُ: السّكون وما يُسْكَنُ إليه، قال تعالى: {والله جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً}⁣[النحل: ٨٠]، وقال تعالى: {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}⁣[التوبة: ١٠٣]، {وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً}⁣[الأنعام: ٩٦]، والسَّكَنُ: النّار الَّتي يسكن بها، والسُّكْنَى: أن يجعل له السّكون في دار بغير أجرة، والسَّكْنُ:

  سُكَّانُ الدّار، نحو سفر في جمع سافر، وقيل في جمع ساكن: سُكَّانٌ، وسكَّان السّفينة: ما يسكَّن به، والسِّكِّينُ سمّي لإزالته حركة المذبوح، وقوله تعالى: {أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[الفتح: ٤]، فقد قيل: هو ملك يُسَكِّنُ قلب المؤمن ويؤمّنه⁣(⁣١)، كما روي أنّ أمير المؤمنين # قال: (إنّ السَّكِينَةَ لتنطق على لسان عمر)⁣(⁣٢)، وقيل: هو العقل، وقيل له سكينة إذا سكَّن عن الميل إلى الشّهوات، وعلى ذلك دلّ قوله تعالى: {وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله}⁣[الرعد: ٢٨]. وقيل: السَّكِينَةُ والسَّكَنُ واحد، وهو زوال الرّعب، وعلى هذا قوله تعالى: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيه سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[البقرة: ٢٤٨]، وما ذكر أنّه شيء رأسه كرأس الهرّ فما أراه قولا يصحّ⁣(⁣٣). والْمِسْكِينُ قيل: هو الذي لا شيء له، وهو أبلغ من الفقير،


(١) ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد والبخاري ومسلم عن أبي العالية قال: قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فينظر فإذا صبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر للنبي قال: «اقرأ فلان، فإنها السكينة نزلت للقرآن». وفي رواية: «تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم».

انظر: الدر المنثور ٥/ ٣٥٤، وتفسير القرطبي ٣/ ٢٤٩، وفتح الباري ٩/ ٥٧.

(٢) وهذا مرويّ عن ابن مسعود، بلفظ: «كنّا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تكلَّم على لسان عمر». انظر: النهاية ٢/ ٣٨٦، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ٢٩.

(٣) وهذا مرويّ عن مجاهد أنه قال: السّكينة من اللَّه كهيئة الهرّ، لها وجه كوجه الهرّ وجناحان وذنب مثل ذنب الهر.

انظر: الدر المنثور ١/ ٧٥٨. وغرائب التفسير ١/ ٢٢٢. وهذا أشبه بروايات الإسرائيليات. واللَّه أعلم.